السبت، 9 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة الحادية عشر / مايكل أنجلو ١٤٧٥ ـ ١٥٦٤ م .

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة








مايكل أنجلو ١٤٧٥ ـ ١٥٦٤ م .
عندما تتذكر مصطفى حسين بين الرسامين تشعر بانك أمام عملاق أو مصارع ، وجسد فارق بين الموجودين ، وفي حياتي رأيت عمالقة مميزين باجسادهم وأعمالهم أيضا ، ولذلك كان المشهد من خلال زحام الرسامين عبر طريق الشهرة نرى عملاقا قويا أشعث هو مايكل أنجلو .
ولد مايكل أنجلو يوم احد في كابرس بين جبال كاسنتينو ، وكان والده لودوفيكو بوناروتي عمدة كابرس وينحدر من أسرة شريفة تميزت بخدمتها لمدينة فلورنسا، واصر والده ان يسمي ابنه باسم رئيس الملائكة .
عند انتهاء العمل الوظيفي عاد لودوفيكو مع زوجته وطفله إلى فلورنسا في أملاك له بقرية سيتيجنانو خارج المدينة حيث استقر هناك ، وقد ارسل الصغير إلى زوجة أحد العمال لتعتني بتربيته ، وكان حبه للنحت وللأحجار نابع من التأثير غير المتعمد من مربيته زوجة النحات ، وبينما هو يكبر لم ينشغل سوى بقلمه الرصاص وكان يبدو أميا و حاول معه والده ان يتعلم تجارة الحرير والصوف ويتعلم كيف يجني الأموال ولكنه لم ينجح ، وكان يبدو عبثيا غير انه كان يغبط صديقه فرانسيسكو الذي يعمل بمتجر الاستاذ غراندايو ، وكانت فرحته عظيمة بقصص المرسم ورؤية بعض الرسومات الي يعرضها عليه فرانسيسكو .
وشيئا فشيئا أدرك لودوفيكو أنه لا فائدة من محاولاته مع ابنه .. وحين بلغ مايكل أنجلو الرابعة عشرة من عمره أرسل إلى مرسم غرلاندايو كتلميذ ليتعلم على يديه .
في نفس التوقيت الذي يقوم غرلاندايو برسوم الفريسكو لكنيسة سانتا ماريا نوفيلا ولقد تعلم مايكل انجلو الكثير من الدروس وهو يراقب استاذه حتى انه يساعده في الأعمال الأقل أهمية ، ولم يكن من اللائق أو السار لاستاذه الفلورنسي الكبير الذي أعجب الناس بأعماله أن يصحح له غلام صغير، وربما لم يكن مايكل أنجلو متواضعا معه كما يجب وكان يطلق بعض الكلمات الحادة ناسيا إحترامه لاستاذه .
وهكذا ترك مايكل أنجلو مرسم غرلاندايو وهو في السادسة عشرة ولم يكن له أستاذ آخر ، ومنذ ذلك الحين اعتمد على أفكاره الخاصة ولم يصبح تلميذا لأحد .
لم يعمل مايكل انجلو بالأزميل من قبل ولكنه نحت الرخام ببراعة مقلدا رأس للإله فون إله الحقول عند الرومان وكانت نسخة أدهشت لورينزو وقال له مازحا ان القدماء لم يهتموا باسنانهم بهذا الشكل الجميل ، فامسك مايكل بالازميل وراح يكسر بعض الأسنان .
لم يحظ مايكل أنجلو يالثروة فحسب لكن ادهشة أن والده وجد أيضا من الفوائد والمزايا قد انهمرت عليه لأجل ابنه الصغير الشهير ، كما تعلم الكثير من احتشاد الرجال اصحاب الخبرة الذين احتشدوا في بلاط لورينزو ، واستمع أولا للخطبة العظيمة الي القاها سافولا رولا في ديومو والتي لمست شغاف قلبه والتي تركت صداها كالرعد على سقف كنيسة سستين .
وكسار الفنانين ذهب ليدرس فنون الفريسكو عند ماساتشو في كنيسة كارمن وكانت هناك فرقة موسيقية شابة كانوا ينظرون له بحسد وزادت غيرتهم مع زيادة شهرته و لكمه شاب منهم يدعى توريجيانو في انفه وسبب له عاهة ، وكان مايكل انجلو طلة خشنة وقد منحه الأنف الملتوي تعبيرا قاسيا لن يغادره أبدا .
بعد موت لورينزو لم يستطيع التأقلم للحياة في بلاط بييرو، وحين بدأ القتال ترك فلورنسا وذهب إلى فينيسيا ثم إلى بولوجونا وعرف من هناك بخروج بييرو وان المبشر سافونا رولا صمت للأبد ، ثم ملأ الشوق قلبه إلى مدينته المحبوبة فلورنسا .
حان العمل في كاتدرائية سان ماري لعمل زهور على قالب ضخم من الرخام ولم يستطيع احد الفنانين المتواجدين للتقدم للنحت إلا مايكل أنجلو الذي ساقه عقله لنحت تمثال الصغير ديفيد .
ودارت النقاشات حول العمل المدهش ، وقال احد النقاد : يبدو لي أن الأنف أكبر من أن يناسب الوجه .. ألا تستطيع تغيره ؟!
لم ينطق مايكل أنجلو بكلمة ولكنه تسلق السقالة وتظاهر بنحت الأنف وترك بعض قطع الرخام الصغيرة وبعض التراب يتساقط على رأس الناقد في الأسفل ثم هبط قائلا بشجاعة : هل ذلك أفضل ؟
فأجابه الفنان الناقد : بديع .. لقد منحتها الحياة .
ابتسم مايكل أنجلو لنفسه ، كم يعتقد الحكماء من الناس في انفسهم .. حين لا يعلمون شيئا عما كانوا يتحدثون عنه.
كثيرة هي الأعمال التي لم ينتهي منها مايكل انجلو إما لموت عملاؤه أو يغير العميل رأيه بعد أن جعله يبدأ العمل ، ولم تتم المقبرة الكبيرة التي أمره البابا يوليوس بالعمل فيها ، وقد غير رأيه وطلب منه رسم سقف كنيسة سستين ، ولم تكن المهمة التي تعهد بها سهلة ، إن مجرد النظر إلى السقف لمدة عشر دقائق يؤلم الرأس والرقبة .. ونتعجب عن كيفية الانتهاء منر قطعة واحدة منها في الوقت الذي لم يتقبل الاستاذ أي مساعدة ولم يكن له تلاميذ ؛ وقد عمل بمفرده ، ولم يتحمل أن يراه أحد وهو يعمل ولم يجرؤ إلا البابا يوليوس أن يزعج الاستاذ ووحده تسلق السقالة وشاهد العمل .
وكان البابا متعجلا لانهاء العمل في الوقت الذي لم تنتهي الرسومات تماما خاصة على الجدار الأخير .
عاش مايكل أنجلو حتى أصبح مسنا وكانت حياته منعزلة حتى وفاته ، والمرأة الوحيدة التي أحبها فيتوريا كولونا ماتت وبموتها خفتت كل بهجته ومات في روما وحمل جثمانه إلى فلورنسا ودفن في كنيسة سانتا كروز .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق