قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين
للمؤلفة إيمي ستيدمان
قراءة / راضي جودة
أندريه ديل سارتو ١٦ يوليو ١٤٨٦ ـ ٢١ يناير ١٥٣١ م
عندما تصادف حكاية من الحكايات تروى عن شخص تتكون عندك قناعة بمتابعة هذه الشخصية حتي لو تبين لك أنها قصة اختلقها الناس ، وتلك حكاية أجنولو الحائك ـ الخياط ـ الذي يهمس بها البعض أنه ليس إيطاليا وانما اجنبيا أضطر للفرار من موطنه بسبب شجار شب بينه وبين أحد زبائنه .
وقد تزيد الحكاية ببعض البهرات الكلامية عن كيفية استخدامه المقص كسلاح للقتل ، تلك الحكايات تلاشت وعاش الرجل مع زوجته كونستانزا حياة سعيدة اعتنوا أيضا بتربية أطفالهم الستة .
الخمسة تشابهوا في كل شيء لكن السادس كان حادا وسريعا وتعلم القراءة والكتابة قبل ان يتم السابعة من عمره ، ثم أخذه والده من المدرسة ليعمل عند صائغ الذهب ، صحيح كان من المبكر ان يبدأ أندريه العمل في هذه السن ولكنه كان يزاولها كأنه يلعب طالما يستطيع أن يمسك القلم الرصاص ويقوم بالرسم ، وإلى جوار الصائغ كان يوجد فنان مسن يسمى باريل وهو ليس فنانا كبيرا ولكنه أبدى اهتماما بأندريه الصغير ، وهو تواق ان يتتلميذ على يديه ، وبالفعل عمل أندريه لثلاث أعوام متواصلة مع استاذه الجديد والذي ادرك ان اندريه يحتاج إلى تعليم أفضل مما سيعطيه هو نفسه ، فذهب إلى الرسام الكبير بييرو دي كوزيمو وطلب منه أن يقبل أندريه كتلميذ،
في البداية لم يتصور كوزيمو ان الإطراء الذي سمعه عن أندريه من باريل هو مجرد تشجيع ولكنه بعد أن راقب عمل أندريه أصبح مغرما وفخورا بتلميذه تماما كما فخر به أستاذه القديم .
وكبر أندريه وبدأت فلورنسا كلها تلحظ الرسام الشاب أندريه ديل سارتو كما كان يسمى أو ـ أندريه ابن الحائك ـ وقد اطلقوا عليه الفنان الكامل لفرط اعجابهم به والتي غطت شهرته على رافائيل ، وبعد ان أنشأ مرسمه وعمل مع شاب زميل له يعملان سويا بجد ومرح منفتحين على الحياة .
الجميع اعجب باندريه ولم يجد الغيرة من أحد للطفه ومجاملته ، غير أنه وقع في غرام وجه جميل تحمله لوكريزيا التي افتتن بها ، وحاول كل من يعرفه أن يثنيه عن التقرب إليها ولكن دون جدوى فقد تزوجها وهو يظن أنها بهذا الوجه الجميل ووجودها بجواره سوف يبدع أجمل واروع الصور ، ولكنها سليطة اللسان التي لا تهتم بصوره ولا لوحاته إلا إذا تم بيعها واخذت الأموال لها ولعائلتها ، ولم تعد تطيق الجلوس طويلا أمامه ليرسمها .. فإن هذا الجمال المتكبر يريد المال ليس إلا ولذلك كانت تقول له يجب ان ترسم اسرع من ذلك ، بطبيعة الحال من اجل فساتينها ومجوهراتها التي تزداد في حين الروح والجمال بدأ يقل في أعماله ، وجاءته دعوة من ملك فرنسا ليذهب إلى فرنسا ويدخل في خدمة الملك في الوقت الذي كان محبطا وفاقد الأمل فلم تمنحه لوكريزيا الأمان .
استقبل استقبال يليق بأمير في البلاط الفرنسي واغدق عليه الملك بالهدايا والملابس والنقود ، بدأ في رسم بورتريه الطفل دوفين ، ومرت الشهور تباعا وهو يرسم وسعيدا ومنطلقا حتى كان اليوم الذي ارسلت له زوجته بانها تشتاق لوجوده معها وإن لم يعود الآن فأنه لن يجدها على قيد الحياة .
ولم يرغب الملك في رحيله لولا أنه وعده بالعوده بعد اشهر ، فأعطاه الملك مبلغا كبيرا لينتقي له من نفائس اللوحات الإيطالية ويشتريها له ويحملها معه عند عودته ، ولكنه لم يستطيع أن يفي بما وعد بعد ان استولت لوكريزيا على كل النقود وراحت تنفقها ، واستمر اندريه في العمل رغم ان القتال اشتعل في فلورنسا ولكن هذا لم يجعله يتوقف عن الهمل في مرسمه الهادىء في محاولة يائسة ان يجمع النقود ليشتري للملك ما وعده به . ولكن الحروب يأتي معها غالبا عدوا خفي وهو الطاعون الذي أصيب به أندريه نتيجة عدم تناوله للطعام الجيد ، وتركته لوكريزيا وهو في هذه الحالة وخافت على نفسها من المرض في الوقت الذي فرح بنجاتها فقد احبها حبا عظيما خالي من الأنانية ومات فارس الفن الجميل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق