قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين
للمؤلفة إيمي ستيدمان
قراءة / راضي جودة
تيتيان ١٤٢٧ ـ ١٥١٠ م
عرفنا من خلال بعض قصص كبار الرسامين مدى حبهم لتصوير المشاهد العالقة بذاكرتهم منذ أيام الطفولة ، كل واحد منهم قد تعلق بصورة يدفعه الحنين لرؤيتها منهم من لم ينسى قطيع الغنم ومنعم من يتذكر السماء والأزهار والفراشات ، وحين نأتي إلى الرسام الفينيسي الكبير تيتيان الذي ولد في مدينة كادور الصغيرة على بيف وعند أقدام جبال الألب على بعد ثلاثة أيام من فينيسيا نعلم هنا مدى تأثير الطبيعة التي انعكست على عقله وهو لم يزل بعد صبيا ، في كل ناحية ترتفع أكوام من جبال ضخمة ترتفع نحو السماء بقمم رائعة وعجيبة وغير مستوية تطفو الغيوم حولها ويلفها الضباب ، فلا عجب ان نراه يرسم الجبال الشواهق ومناظر طبيعية ارجوانية.
كان والده جريجورو فيسيلي واحد من نبلاء كادور ولكن أسرته لم تكن ثرية ، وعندما بلغ تيتيان العاشرة أرسل إلى عمه في فينيسيا ليتعلم التجارة لكنه كان مغرما بالرسم ، ولما رأى عمه أنه ولد موهوب وضعه في مرسم جيوفاني بيلليني ، ورغم أنه تعلم الكثير من بيلليني غير أنه بدأ يرسم بثراء لوني كبير جعل اسمه يلمع بين الفنانين واشترك في البداية مع جيورجيون في رسم جدران البورصة على جسر ريالتو .
ومع الأيام بدأت تدب الغيرة في قلب جيورجيون حيث امتدحت أعمال تيتيان بشكل كبير وبدأت فينيسيا تستيقظ على سطوع نجم الفنان تيتيان الذي جلب الشهرة والمجد للمدينة الجميلة .
حين توقف الأمبراطور تشارلز عند بولوجنا ارسل إلى فينيسيا لإحضار تيتيان واعجب بعمله جدا ونصبه فارسا له معاش مئتا ريال انجليزي ، واضحت الشهرة والثروة في انتظاره أينما ذهب ، ولم يمض وقت طويل حتى دعي إلى روما ليرسم بورتريه للبابا ، وقد التقى هناك بمايكل أنجلو الذي نظر إليه بعين الإهتمام وأثنى عليه وعلى تلوينه ، ثم قال لصديق له : إنها الأجمل ولكن للأسف في فينيسيا لا يعلمون الرجال كيف يرسمون مثلما يعلمونهم كيف يلونون ، فلو ان تيتيان يرسم مثلنا لكان من المستحيل أن يفوقه أحد .
وامتد التوهج كتعويذة سحر على معظم أعمال وصور وبورتريهات لهذا الفنان الفينيسي الكبير ، وقد أحب الأطفال وتعلم كيف يراقبهم وهم يلعبون ، ومنهم ابنته لافينيا التي كانت ضياء عينيه ، لقد توفت زوجته وكان حزنه الوحيد بسبب ابنه الذي خيب آماله .
عاش تيتيان ما يقرب من مائة عام حتى أصبح مسنا وظل ظاهرا حتى نهاية عمره وفرشاته في يده يرسم صورا جيدة ، وعندما رحل ترك مخزونا من الجمال جعل العالم أغنى وأكثر جمالا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق