الأحد، 3 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة الخامسة / ساندرو بوتيشيللي (مارس ١٤٤٥ ـ مايو ١٥١٠) م

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان
قراءة / راضي جودة









ساندرو بوتيشيللي (مارس ١٤٤٥ ـ مايو ١٥١٠) م
في الوقت الذي رسم فيه فيليبو صوره وجلب الشهرة لدير كارمن ، كان المواطن ماريانو فيلييبي في محنة عظيمة بسبب أبنه الرابع اليساندرو الذي لم يستقر له قرار في تعليم أو تجارة أو عمل ، ثم قرر يائسا أن يرسله إلى ورشة جار له يدعى بوتيتشيللي وكان صائغا متقنا لعمله ، وقد وافق أن يقبل ساندرو كتلميذ له وقد عرف التلميذ باسم استاذه وسُمى ساندرو بوتيتشيللي .
عمل ساندرو لبعض الوقت مع استاذه في رسم تصميمات لصائغي الذهب ، واتسع عقله بما يرى وبسمع ووجه قلقه واحلامه إلى أن يصبح رساما ، ولم يعد لوالده اي قرار أو رأى بل استسلم للأمر الواقع بارسال إبنه ليكون تلميذا لــ فرا فيليبو ليبي وسرعان ما أضحى المفضل لدى استاذه ، والذي تنبأ له بمستقبل باهر في الرسم ، وكان يصطحبه معه في أماكن مختلفة ليساعده في عمله.
مرت السنوات ولم يعد الأب يشكو من أبنه الذي اصبح له اسم مشهور في فلورنسا ، وكانت الفرصة مواتية فقد كان عهد الحكم للورينزو ابن كوسيمو دي ميديسي ، وبلاطه يمثل مركز الجمال والروعة ، وكان كوالده يسره أن يكتشف رساما جديدا وسرعان ما أضحى بوتيتشيللي النفضل عنده .
ولم تعد موضوعات القديسين والملائكة وعين العذراء الحزينة هي موضوعات ذلك الوقت وقد فاض بوتيتشيللو في رسم موضوعات راقصة مبهجة ومن واقع الأرض .
سيمونيتا هي السيدة الوحيدة التي أراد أن يرسمها ساندرو كفينوس والتي ولدت من زبد البحر وقد طفت على الشاطىء واقفة في صدفة وقد التف حول شعرها الذهبي، هذا الفنان العاشق للجمال لم يتزوج قط ولم يبال بوجه جميل آخر ، وله طبيعة في المرح ساحرة ، عندما تضرر من جاره المزعج والذي يعمل في ورشتة بصوت مرتفع يرتج معه البيت ولا يستطيع مع ذلك ساندرو ان يرسم وعاتب الرجل الذي تمسك بما هو عليه تحت العنوان الكبير انني حر في منزلي ، فما كان من ساندرو الا البحث عن حجر ضخم وضعه بمان مرتفع ومع أول هزة ربما يسقط فوق ورشة الجار ، فلما رأى جاره الحجر وضخامته خاف ان يحطمه هو وورشته وطلب من ساندرو ان يرفعه بعيدا ولكن كانت اجابته مثلما قال له الجار من قبل : الا يستطيع الانسان ان يفع ما يريد بمنزله .
وهكذا تعلم الجار الدرس ولم يعد يسبب له الضوضاء .
وقصته مع تلميذه باجيو مرحه جدا عندما اراد مساعدة باجيو في بيع أحد لوحاته وطلب من باجيو ان يضعها تحت ضوء مبهر ثم يذهب لإحضار المشتري وقام هو وتلامذته بتغطية رؤوس صور الملائكة بالشمع وبالوان القبعات التي يستخدمها العامة في فلورنسا وعندما جاء باجيو ومعه المشتري كان ان يفقد عقله ولم يتصور هذا التحول الذي حدث لملائكة لوحته ، وكان المشتري يشعر باللعبة ولم يتراجع عن فكرة شرائها .
ولم تدوم نعمة البهجة والبزغ التي صاحبت حياة لورينزو الرابع فقد خرج من دير سان ماركو الراهب سافونارولا الذي اجتمع الناس حوله كانه صرخة ايقظت الناس وهنا ترك ساندرو مرسمه ورسوماته واصبح تابعا للراهب .
في هذا العهد من الترف والمتعة خرج شباب ماجن يعترضون الناس بالطريق للحصول على أموالهم ولكن سافوتارولا اعمل عقله وحاول تطهير المدينة من تلك المظاهر وصار الشباب يجمعون الأموال من أجل مساعدة الفقراء وتحولت ألعابهم ونشاطاتهم لأشياء نافعة ، ولكن كما نعرف أن دوام الحال من المحال حيث احتشد الناس ضد هذا الراهب الذي كان شعلة النور بالنسبة لهم انقلبوا عليه ، الذي صرف كل وقته يعلمهم ويحسن إليهم احرقوه.
ومر وقت طويل بعد ذلك قبل ان يهتم بوتشيللي بمعاودة الرسم مجددا، كان تجاوز سن الشباب يائسا وحزينا وناقما على هذا العالم الذي عامل السيد الذي أحبه بكل تلك القسوة ، هذا الفنان الذي رسم الأرجل الرشيقة الراقصة صار يمشي مستندا على عكازين ، وزبلت ازهار السوسن التي كان يعتني باظهار جمالها.
الجزء الأخير من حياة بوتشيللي هنا منقول من ويكيبيديا : «  من رسامي عصر النهضة الإيطالية. عاش بفلورنسا حيث أبدع أعماله. تتميز لوحاته بخطوطها الواضحة المتناسبة وألوانها الرقيقة وزخارفها المتعددة وشاعريتها. ولم يشارك بوتيشيللي زملاءه الفلورنسيين في اهتمامهم بالعلوم والطبيعة، لذا فإنه لم يحاول أن يصوِّر المناظر ذات الأبعاد وفقًا لقوانين المنظور، أو يُصوِّر جسم الإنسان وفقا لقوانين علم التشريح.
تنقسم أعمال بوتيشيللي إلى قسمين: يصور في القسم الأول زينة الحياة الدنيا، والقصص الأخلاقية المعقدة، والموضوعات الأسطورية الجميلة. ويكشف في القسم الثاني من أعماله عن مشاعر جادة ومنضبطة، ومثال ذلك لوحاته التصويرية لملحمة دانتي الكوميديا الإلهية وكذلك لوحاته الدينية. وفي أواخر تسعينيات القرن الخامس عشر الميلادي، بلغ تأثر بوتيشيللي بدعوة سافونارولا ضد الانغماس في المتع الدنيوية مبلغًا جعله يحرق بعض لوحاته غير الدينية، ويرسم منذ ذلك الحين لوحات دينية فحسب.

  •  لجأت أُسر فلورنسية غنية كثيرة إلى هذا الرسام لكي يزخرف منازلها ويرسم لوحات لها . وقد ساهم في تزيين كابيلا سيسيتن في روما . غير أن شهرته تكمن في لوحات عدة منها العذراء الممجدة في فلورنسا ، وبعض الرسوم لتزيين كتاب دانتي ((الملهاة الآلهية)) . وحوالي نهاية حياته راحت شهرته تقلّ إثر أفكار ليوناردو دافينشي ، ومايكل أنجلو »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق