السبت، 30 يونيو 2018

نقد الأعمال وتقييمها


نقد الأعمال وتقييمها
من خلال اسقاطات الخلاف

راضي جودة
« تحت هذا العنوان وفي صفحة رقم ٤١ من كتابي (التشكيل والتجريب) رؤية فنية لأعمال تشكيلية عصرية ـ الجزء الأول ـ
كنت أضع في ذهني قيمة النقد للأعمال دون استحضار المنافع أو درء المشاكل أو تصفية الحسابات على قيمة العمل التشكيلي ، وطبع الكتاب طبعته الأولى والأخيرة عام ٢٠٠٤م ».
إلى حضراتكم مقال نقد الأعمال :
تقييم الأعمال لا دخل له بالمعارك الجانبية أو اختلاف وجهات نظر كان من المفترض الا تفسد للود قضية ، أما إذا كانت أحبال الود قد انفلتت من أيدينا ، فإن للأعمال حق وواجب يجب تأديته واحترامه دونما رجوع إلى كثير من الخلفيات الضبابية في بعض العلاقات التي ربما تنامت خلافاتها من خلال فهم خاطىء لأمر حقيقي وواضح ، ولكن المكابرة والقفز خلف أسوار الشجاعة والمواجهة عمل على اتساع هوة خلاف لم يكن لها وجود أصلا ، وهنا يقع الظلم الكبير على مناقشة الأعمال .. ولا نطلق المقولة السائدة بأن الشللية هي صانعة النجوم وأن من لا يملك صديق قادر على أن يفرد له الصحف البيض لتسود بصوره وأخباره ومشاريعه فانه يبقى طي النسيان ، قد يكون الأمر يحمل الكثير من الحقيقة ، ولكن أريد التأكيد على أن عدم معرفتك بي لا يلغي وجودي ، فأنا فعلا موجود ، ولكن فقد أحدنا قناة الإتصال ووسيلة التعارف ، قد تتفق معي أو قد تختلف حول أعمالي ،  قد ترضي ذائقتك، قد تتوافق أو تتنافر أو لا تستجيب لرؤياك وثقافتك ومحصلتك العلمية والحياتية من فكر وتجارب أما أن تتجنى على أعمالي من خلال شخصي فذلك أمر آخر .. المنصفون لا يعولون على المسائل الشخصية ولا يعتدون بها عند تحليل الأعمال ، فلن يكون مقبولا وأنا مهموم بالفن ومتابع للحركة التشكيلية أن أتغافل متعمدا عن سين أو صاد من زملاء التشكيل بإعتبار أن له أنف معوج … 
المسألة هنا على غير ما نأمل ، ولو أننا أتينا اليوم من أجل أن نضع أسنة الحراب في صدور وظهور رفاقنا ، أو نتزلف إليهم بزهور لا رائحة لها وكأنها تقدم في جنائز ، نحن نريد تقييم الأعمال أو تحاور بصري لأعمال بصرية ذات خطوط وإنكسارات والوان ونتوءات وخربشات ، نحن أمام ملامس وسطوح وأهم ما يميز مفرداتنا أنها لا تحمل هم اللغة وقواعدها وتشبيهاتها وشواهدها لأن البحوث داخل النصوص قضية لا نسعى إليها ، وإنما نحن نرى الصور والشخوص والأشكال والنفوس ونتأثر بكل ذلك ، ثم نعبر عن كوامنا بتلك المداخل وهذه المعطيات .
عندما نستجلي ما تحتويه اللوحة من تهويمات أراد الفنان ان تكون لغته ورسالته من خلال رموزه أن يشفر بعض العلائق حتى يستدعي فكر المتلقي وحضور مخزونه الثقافي والوعي بالفن التشكيلي ، فإن هذا التشفير الرمزي قد يفك محاوره بعض المقربين من خصوصية حياة الفنان الصحية والنفسية وإبداعاته ، باعتبار الغياب اللحظي لبعض المؤثرات قد تكون لها اسبابها المالية أو المهنية أو غيرها من تفاصيل حياة الفنان المبدع .
هناك طرح علمي ممتاز حول تقييم العمل من خلال تاريخ الفنان واعماله وتطورها إلا أن لي وجهة نظر حول الأعمال الجديدة ، والتي تراها العين وتدهشها قبل النظر أو البحث عن اسم الفنان ، فالعمل المدهش للعين المدربة هو الذي سبق النظر وأختطف اللحظة ، هو البطل الذي يجب نعتني به ونحتفي به دون سلطة الأسماء أو التواريخ لأن هناك فنان يكرر ذات الأعمال في كل معرض دون تغيير ولا تجديد ولا إضافة ، الأعمال من مدينة لأخرى ثم يسجل في أنشتطه المشاركات الثلاثون والأكثر لعقدين من الزمان ، لقد تشبعت أعين المتابع من التكرار الممل ، ولكن يخرج عليك مدافعين ومنظرين رافعين شعار لا مساس لهذا الاسم العلم .
نعم لللدراسا النقدية للأعمال الفنية بعيدا عن سلطة الأسماء ، ودون إعتبار لخلافات ، ودون تخصيص لفرد على حساب المجموع بعد ظاهرة الناقد الخاص والمنفذ الخاص والمصور الخاص وهكذا .
نطالب وبإلحاح تناول العمل بالتمحيص وبيان جوهره ، مما يدفع إلى تكوين قاعدة معرفية مهمة ، وربط قوي بين المبدع والمتلقي دون أن نعود من جديد إلى غبش الرؤية ، أو دباجة الثناء والتبجيل لمن طوقنا بمعروفه أو من دفع إلينا مبلغا معلوما ، أو لمن منحنا فرصة الظهور أمام تلك النخب المميزة ، كي نظهر بلاغتنا في المديح ، حوارنا حول اللون والشكل والملمس .. حوار حسي بصري .

ليس الفن أن تكون اللوحة جميلة ناقلة لما في الطبيعة فحسب وإنما تحمل أحلام ورؤى الفنان بالحس الإجتماعي والآمال والطموح ، وليس الفنان بطبيعة الحال هو ناقل جيد للصور كما يراها وإنما تنعكس عها حالته النفسية وإنسجامه فيما يطرح .

الأربعاء، 27 يونيو 2018

تشكيل الطبيعة

بوابة الجحيم .. تشكيل من الحمم البركانية في غربkamokuna هاواي
الصورة : للمصور لازلو
من اللحظة الأولى التي تنظر لمثل تلك اللقطات الفريدة والمبدعة ، والتي قد تسبب الرعب أحيانا من شدة ما تحمل من صور وتشكيلات ومعان ترى من خلالها مدى ما تحمله الطبيعة من مؤثرات بليغة التعبير في زيارتي لمغارة جعيتة بلبنان كانت اللحظات الأولى من تشكيل الطبيعة المبهر والذي يفوق التصور وبعدها صرت أتأمل إنصهار الشموع والمعادن وورش اللحام وبقايا برادة الحديد والتضاريس والجبال والسراديب والجبات ، كلها محفزات بصرية غاية في الأهمية للثقافة البصرية وثراء التفكير من أجل إنتاج عمل فني فارق ومتميز .
واللقطة التي لفتت نظري اليوم هي من هاواي شاهدتها بالصدفة على أحد وسائل التواصل وبداية النظرة الأولى والا أدري لماذا تصورتها لقطة مصنوعة لفيلم سينمائي لأن اللون الأحمر داخل البركان يشمله السكون وليس فورة وثورة البراكين ، وقد تكون اللقطة من مسافة بعيدة نظرا لحجم الرجل الواقف في قمة الصورة ولكن المهم هنا في حقيقية الأمر تلك الأشكال الموحية والتي تصنع تصور نحتي بديع مع مكونات لونية متباينة تشعر معها بالألفة رغم هذا الهدوء المرعب الذي قد يثور في أي وقت ، الصورة أمامك والرأي لكم .

الاثنين، 25 يونيو 2018

الاختفاء من عالم التشكيل بعد دعوة التقنية




عائلة حسب الله 
وبداية الرسم باستخدام التقنية
بقلم / راضي جودة

العلاقة التي تربطني بنقابة الفنون التشكيلية كأحد أعضاءها تلزمني في فترات تواجدي بالوطن أن أحدد موعدا لزيارة القاهرة ، والتواجد بمقر النقابة من أجل تسديد الإشتراكات والحصول على تجديد بطاقة العضوية وقت الحاجة أو وقت تعديل البيانات أو تحديثها وكل ذلك قبل أن ينتقل ملف عضويتي لفرع النقابة بالاسكندرية الأقل نشاطا والتي لا اقوم بزيارتهم إلا مضطرا لنفس الأسباب السابقة من تسديد إشتراكات أو توثيق أوراق ، المهم أنه في القاعة المستدرية بمقر نقابة الفنانين التشكيليين بميدان الأوبرا بالقاهرة في الساعة الثامنة من يوم الأحد الموافق ٦ اغسطس ١٩٩٥م ، كنا على موعد مع معرض لأسرة الفنان المصري محمد حسب الله والذي افتتحه نقيب التشكيليين الفنان الدكتور حسين الجبالي ، الذي قدم للمعرض للعام التالي بعد المعرض الفردي للفنان حسب الله قبل ان ينعكس اهتمامه لزوجته واولاده في معرض مشترك ، يقول د.الجبالي : ليس غريبا ان يطوع الفنان الحقيقي أدوات العصر ومنجزاته والتطور الهائل في آلياته ووسائله التقنية .. ليس غريباً أن يستفيد الفنان من هذه المنجزات لكي يستوعبها ويختزنها في وجدانه ومشاعره ثم يترجمها ويحولها إلى واقع ملموس وصيغات جديدة مبتكرة ، تضيف أبعاداً لا نهائية لأعماله وتثري وتعمق هذه المفاهيم والرؤى التي تجمع في تناسق وتناغم بين قدرة الفنان على الإبداع ومهارته في إستخدام تقنيات العصر .
وأما الناقد الاستاذ كمال الجويلي رئيس الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي فإنه يرى أن المعرض هو صيحة تنبيه للأذهان من خلال الأشكال والألوان إلى معطيات هذا الجهاز الدقيق بتوجيه من حس الإنسان الفنان وفكره ووجدانه وإرهاف لمسات أصابعه .
ويرى الاستاذ الدكتور حمدي عبد الله أنه من خلال المعرض قد أصبح ميسوراً ومتاحاً للغالبية العظمى الأقتراب من الفن التشكيلي بإستخدام برامج الكمبيوتر المعدة لذلك ، ومحاولة إنتاج أعمال فنية محققاً ما نصبو إليه جميعاً من أن (الفن للجميع) .
المشاركين بالمعرض (عائلة حسب الله)
ـ محمد محمود حسب الله (الأب) مدرس تربية فنية .
ـ فادية عبد اللطيف البدوي (الأم) بكالوريوس آداب وتربية
ـ شادي محمد حسب الله (ابن) ثانوية عامة
ـ اسامة محمد حسب الله (ابن) إعدادية
ـ علاء محمد حسب الله (ابن) إبتدائية
ومن متابعة نشاط الفنان حسب الله في تلك الفترة نجد انه قدم بحث تربوي حول رسومات المسن القطري عباس غلوم ، ثم قام ببحث آخر موازي لنفس اعمال المسن عباس غلوم والأصول التراثية لعينة من رسوماته ، كما قدم للمؤتمر العلمي الثاني حول الفن وثقافة المواطن لتزوق فن الخط العربي كمدخل ثقافي عام ١٩٩١م بجامعة حلوان بالقاهرة . وكذلك مقالات في معظم الصحف والنشرات القطرية محل إقامته .
كانت له تجربة تسبق هذا المعرض بعام حول نفس الموضوع ويبدو ان الحصول على صور ونماذج مطبوعة من بدايات جهازي اتاري وصخر وIBM من خلال الـ الكلردرو  وبرنامج الرسام في مرحلته التجريبية الأولى في ذلك الوقت قبل تطور البرامج كان مدهش للجميع بما فيهم الأكاديميين من معاهد وكليات الفنون والتربية الفنية .
ولعل الدهشة التي تصاحب ظهور الكمبيوتر وعدم توفر معلومات كثيرة وكثيفة إلا من خلال دورات حول تعامل الحاسبات الآلية وبرامج الوندوز والتي أصبحت من الماضي اليوم بعدالتطور التقني والرقمي في كافة الأجهزة وبين أيدي الناس خاصة مع إنتشار الهواتف الذكية المحمولة في معظم البلدان وحتى في الغابات والبراري .
ولا يمكن الحكم على المعرض الذي يبدو بسيطا لدرجة الإفتقار للموضوع والتوزيع اللوني والتنوع قياسا على الأعمال والإبداعات الرقمية التي انتشرت في جميع أنحاء العالم اليوم واصبح لها مجموعة ضخمة من الأسماء الفنية و الجماعات والمعارض والدراسات وعلم البرمجيات .

وسوف تتغير المفاهيم والتقديرات لما كان بالسابق ، ولكن السؤال الطبيعي اليوم هل ترك هذا المعرض أثرا ما على بعض الحضور ، وإذا كان الأمر ذلك كذلك بالنسبة لي على الأقل والدليل إحتفاظي بكتاب المعرض وبعض الذكريات ، فما بالنا لو نطرح السؤال بشكل آخر على عائلة حسب الله فما هو الإنعكاس والتأثير على علاء أصغر الأبناء وقتها ومواليد ١٩٨٣م الذي أصبح رجلا في الخامسة والثلاثين من عمره .
فقد اعياني البحث خلال بعض قنوات التواصل ولن اكتفي بهذا وسوف احاول من جديد من خلال معلومات نقابة الفنانين التشكيليين بالقاهرة حيث تتوفر لهم معلومات عن الأعضاء وخاصة عميد الأسرة استاذ التربية الفنية محمد محمود حسب الله 
من يرى النشاط والكلام الذي احتواه الكتالوج سوف يدرك انه امام حالة اسرية متعاونة من أجل الفن ، ولهذا قد يصاب المرء بخيبة أمل كبيرة عندما يشعر بالانزواء والاختفا تماما لتلك الأسماء بعيدا عن اللون والشكل وكأن عيلة أو عائلة حسب الله حالة فنية ومرت على الفعل التشكيلي مرور الكرام  .

السبت، 16 يونيو 2018

كتاب فرسان الفن .. الحلقة الثامنة عشر والأخيرة / بول فيرونيس (باولو فرونزه) ١٥٢٨ ـ ١٥٨٨م (الخلاصة) .

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة










بول فيرونيس (باولو فرونزه) ١٥٢٨ ـ ١٥٨٨م
ولد بول كاجلياري آخر رسامي المدرسة الفينيسية في مدينة فيرونا التي جاء اسمها مع العبقري شكسبير في روميو وجولييت ومن دواعي فخرها ان منحت اسمها للفنان الفينيسي باولو فيرونس ، وجود الصبي بين والد مثالا وعما رساما شجعه ذلك على أن يبدأ العمل مبكرا ، وما ان ظهرت موهبته حتى أرسل لمرسم عمه ليتعلم دروسه الأولى في الرسم .
لم تكن فيرونا بعيدة عن فينيسيا ودائما ما كان يسمع باولو حكايات عنها ودوت اسماء فنانيها جيورجيون وتيتيان في أذنيه ، وكأنما يفتحان أمامه أبواب الجنه ليحاول رسم تفاصيل ملكة البحر الجميلة بمبانيها وحكاياتها وحلل نبلائها الثمينة ، وجاء اليوم الذي أرسل فيه للمدينة الحلم .
لم يلحظ أحد في فينيسيا ذاك الرسام الشاب الهادىء الذي يعمل بجد ، فقد عمل بثبات بمفرده لعدة سنوات حتى جاءته الفرصة في النهاية ليرسم سقف كنيسة القديس سباستيان ، وحين أنتهى منها عرفت فينيسيا عبقريته ودقة تفاصيل أعماله .
اتسعت شهرته أكثر وأكثر ورسم صورا رائعة ولكن المبالغة في سرد التفاصيل داخل الصور التي يرسمها مثل الخدم ومهرجوا البلاط والاولاد الزنوج وحتى القطط والكلاب وهو ما تسبب في استدعائه والتحقيق معه للإجابة عن سؤالهم : هل تتناسب تلك الصور أن تزين جدران الكنيسة ؟.
لقد هز فن الرسم بالفعل القوانين الملزمة للتقاليد القديمة وقد كان فيرونيس حرا يتبع خياله البهي ولكن من الذي يجزم أن تلك الحرية تعد مكسبا حقيقيا !
أغلق معكم صفحات هذا الكتاب ولا نغلق إبداع الفنانين الإيطاليين الرائعين ، وتلك المتعة العظيمة للبحت في يوميات حياتهم ولكن الكتاب رغم كل ما يحمل من تفاصيل لم يشف غليلا لشغوف ان يعيش مع الفنان لحظات إبداعة وعرقه وأنفاسه والفكرة التي طرأت على عقله وهو يمضغ قطعة من خبز أو رشفة من ماء .
لذلك أقدم بين يد حضراتكم خلاصة للكتاب فيما أراه مناسبا للتعريف ببعض الإشارات .
………………………………………………


لماذا كتاب فرسان الفن؟
عرض تحليلي في نهاية الكتاب لما تناولته الكاتبة من حياة وقصص الفنانين من الخارج أي من القشرة ولم تدخل إلى النوازع والأفكار .
قراءة راضي جودة .
عرفت من خلال الكتاب سر الأسماء التي تميز مراكز ومحلات وفنادق واسواق ودور سينما في مدينتي الأسكندرية باسماء مثل ريالتو  وسان جيوفاني وسان مارك وسان ستيفانو وغيرها، وكأنها امتداد طبيعي لفينيسيا الإيطاليه .
الكتاب يتحدث عن قصص حياة ١٩ فنان إيطالي هم أهم رموز عصر النهضة :
ـ جيوتو ١٢٦٧ ـ ١٣٣٧م .
ـ فرا أنجيليكو ١٣٨٧ ـ ١٤٤٥م .
ـ ماساتشو (مازاتشو) ١٤٠١ ـ ١٤٢٨م .
ـ فرا فيليبو ليبي ١٤٠٦ ـ ١٤٦٩م .
ـ ساندرو بوتيشيللي (مارس ١٤٤٥ ـ مايو ١٥١٠) م .
ـ دومينيكو غرلاندايو ١٤٤٩ ـ ١٤٩٤ م .
ـ فيليبينو ليبي ١٤٥٧ ـ ١٥٠٤م .
ـ بياترو بيروجينو ١٤٤٦ ـ ١٥٢٤م .
ـ ليوناردو دافنشي ١٤٥٢ ـ ١٥١٩م .
ـ رافائيل ١٤٨٣ ـ ١٥٥٦ م .
ـ مايكل أنجلو ١٤٧٥ ـ ١٥٦٤ م .
ـ أندريه ديل سارتو ١٦ يوليو ١٤٨٦ ـ ٢١ يناير ١٥٣١ م
ـ آل بيلليني .. جنتايل بيلليني ١٤٢٩ ـ ١٥٠٧ م
جيوفاني بيلليني ١٤٣٠ ـ ١٥١٦ م
ـ فيتور كارياتشيو ١٤٦٠ ـ ١٥٢٥ م
ـ جيورجيون ١٤٧٧ ـ ١٥١٠ م
ـ تيتيان ١٤٢٧ ـ ١٥١٠ م
ـ تينتوريتو ٢٩ سبتمبر ١٥١٨ ـ ٣١ مايو ١٥٩٤م
ـ بول فيرونيس (باولو فرونزه) ١٥٢٨ ـ ١٥٨٨م

الكتاب مرجع مهم بحثا وتأليفا وترجمة عن قصص حياة الفنانين الإيطاليين الكبار ، وإن كان الكتاب ليس كتاب نقدي ولم يقدم للأعمال بقدر ما قدم للشخصيات وقد تبنى فكرة السرد حول سيرة الحياة للفنانين ، ولم يمنع ذلك من الوقوع في خطأ تدوين التاريخ بشكل مبهم حيث غابت بعض الأسماء وبعض الأرقام ، كما تغافل عن ذكر مايتم داخل ورش ومراسم واستوديوهات الفنانين من أعمال جمع وسحق للألوان وللفريسكو وللجص والتجهيزات التي كانت تتم ، كذلك الرسومات التي كانت تتم باقلام الرصاص وتثقب من اجل النقل والتكبير على الحوائط وكلها أمور وأعمال فنية تغافلت عنها المؤلفة ولم يحاول المترجم ان يخرج عن خط سير الكتابة داخل النص بوضع بعض الأسئلة والبحث عن إجابات لها ليس إلا التنويه الذي أشار له عن السلطان التركي المسلم الذي غاب اسمه على حساب قصة تشير إلى وحشية وغرور تلك السلطان ، وكذلك المقارنات بين طريقة فنان وآخر كانت تأتي في السياق وربما دون ترتيب ، فالمؤلفة والمترجم ليس لهما أي انتماء فكري في تكوين الصورة والفكرة التي تدفع الفنان أن يترك حياته بكاملها تنساق وراء الإبداع والدهشة التي تبقى شغفا يملي شروطه على كل ما يتعلق بالفنان في اليقظة والمنام ، ثم أن الكتاب تتداخل في داخله عوامل السلطة الدينية التي تحدد الموضوعات وتخلص الصور ، بل وتوجيه فكر الفنان لموضوعات بعينها في غالبها إما دينية أو ترضية للحاكم ، وقليلا هم الفنانين الذين ابدعوا في نقل حياتهم الخاصة وحياة مجتمعهم ولو بطريقة التحايل ، وقد تم نشر وإصدار الكتاب عام ١٩٠٧م
نبذة عن المؤلفة والمترجم
المؤلفة إيمي ستيدمان ، إنجليزية كتبت للأطفال في موضوعات دينية ، وفي الأدب ديكنز ، لم تدرس بشكل اكاديمي وانما بشكل شخصي ومن أهم أعمالها :
١ ـ الكتاب المدرسي .. قصص الكتاب المقدس .
٢ ـ أساطير وقصص من إيطاليا ١٩٠٩ م.
٣ ـ قصص الرسامين ١٩١٠م.
٤ ـ قديسو جزيرتنا ١٩١٢ .
٥ ـ حكايات مدرسية للأطفال .
والمترجم هو الاستاذ الحسيم محمود خضيري الحجاجي ، من مواليد الأقصر ١٩٦٧ ـ تخرج من كلية الآداب قسم التاريخ والدراسات الأفريقية ويعمل باحثا اجتماعيا في المجلس الأعلى لمدينة الأقصر .
صدر له ديوانان من الشعر الفصيح (أغنية لغد بعيد ، وتراتيل المريد).
نشر العديد من القصائد والقصص القصيرة والمترجمة في كثير من المجلات والصحف والدوريات العربية والمحلية .
له تحت الطبع : مدن الغيم / شعر ، شتاء لمملكة الغيوم / شعر ، رجل وحيد وأشياء حميمة / قصص قصيرة .
نلاحظ هنا أن المؤلفة خبرتها تكمن في الوعظ والإرشاد وأما المترجم الشاعر فقد التزم بقيم النص وترجمه كما هو بدون أي تدخل بالحذف أو الإضافة (الكتاب الأصلي) أما الحلقات التي دونتها في مدونتي ونشرتها بين أيديكم فقد تدخل الفنان بالشرح والتحليل في كثير من المواقع والمواقف التي تحتاج ان اقول فيها كلمتي .
اهتم المشروع القومي للترجمة بهذا الكتاب بإشراف الدكتور جابر عصفور في العدد١١٤٦ بعد مرور مائة عام إصداره ونشرة تحت عنوان ملوك الفن 
اللوحات المصاحبة للكتاب جميع اللوحات المصاحبة للكتاب تفتقر إلى الجودة التي يمكن الحصول على مثيلتها اليوم بفضل التقنيات الحديثة والمبهرة التي اكتسبها عالم التصوير الفوتوغرافي والطباعة الرقمية / واللوحات التي أضيفت وتم تجميع مصادرها من جوجل .

الجمعة، 15 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة السابعة عشر / تينتوريتو ٢٩ سبتمبر ١٥١٨ ـ ٣١ مايو ١٥٩٤م

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة








تينتوريتو ٢٩ سبتمبر ١٥١٨ ـ ٣١ مايو ١٥٩٤م
كما ان سنغافورا اصبحت الاسم الأكثر شهرة وبريقا في عالم المواني والتجارة في أيامنا هذه ، فإن فينيسيا من اربع أو خمس قرون قد اعتلت عرش مملكة البحر وأصبحت سيدة التجارة والصناعة ، لقد هبت من صدمة الحرب وابحرت سفنها إلى كل المواني محملة بالحرير والقطيفة والدانتيلا والأصباغ خاصة الأرجواني .
لقد تعلموا أهل فينيسيا فن النفخ في الزجاج وتشكيله ، كما وصل فن الرسم إلى أوج عظمته وقد بدأ جيورجيون وتنتوريتو يرسمان قصورها ومحاريب كنائسها .
في وسط مدينة فينيسيا حيث بيوت الفقراء المعدمين عاش باتيستا رويستي الصباغ وهو والد جاكو الذي عرف باسم تنتوريتو أي الصباغ الصغير ، كانت الألوان تخاتل ناظريه كل حين وهي تبرق وتلمع مع الاقمشة ، وعندما صار رجلا علمنا من رسوماته مدى تقديرة للألوان الوقورة والداكنة ، وتعلم ان يرسم جدران بيت أبيه بالطبع وربما يفعل ذلك كل طفل ، ولكن أصابع تنتوريتو الصبيانية أظهرت علامات الموهبة ، ولم يعنفه والده بل شجعه .
كان تيتيان الفنان الأعظم في العالم في نظر تنتوريتو وكانت أقصى أمانيه أن يتعلم على يديه ، وكان أسعد أيام حياته يوم قرر والده أن يأخذه إلى مرسم تيتيان ويطلب إلى الاستاذ أن يقبله كتلميذ ، ولكن السعادة لم تدم طويلا حيث لم يقبل تيتيان بعمل الولد ورفض ان يحتفظ به في مرسمه ليعلمه ، وشعرت العائلة بخيبة الأمل إلا أن الحلم لم تخبو جزوته في قلب الفتى وراح يعمل من خلال أعمال تيتيان ويتعلم منها ، وكذلك تعلم دروسا من أعمال مايكل أنجلو واصبح مايكل انجلو مثله الأعلى في الرسم وتيتيان في التلوين .
عاش الفنان الشاب في حجرة بسيطة وفقيرة ، ولقد أنفق معظم أمواله في شراء التماثيل والسبائك ، وكانت له طريقة عجيبة في تجميع النماذج من الثماثيل الصغيرة والشمع ويرتبها في صندوق من ورق مقوى أو صندوق خشبي به فتحة ليدخل شمعة مضاءة به ، وبجانب تجميع الأشكال كان يهتم بترتيب الضوء والظل .
ورغم اجتهادة ومثابرته فلقد تأخرت الشهرة وخاف الناس من طريقته الجريئة في الرسم ، ومع ذلك عمل بثبات وديمومة وإذا لاحت له فرصة ولو بلا أجر فإنه ينتهزها ، وعندما فكر الفنانين الفينيسيون الشباب اقامة معرض واستأجروا غرفة في ميرسيريا وهي اكثر بقاع فينيسيا ازدحاما ، اشترك بلوحتين بورتريه له والآخر لأخيه ولفت نظر كل من شاهد المعرض حتى تيتيان نفسه باح بأن أعمال تنتوريتو جيدة وصوره نقية وحية .
بدأ الحظ يبتسم لـ تنتوريتو منذ ذلك الحين وشيئا فشيئا بدأت الأعمال تتوالى عليه من محاريب الكنائس حتى قصر الدوق وكان هذا أعلى شرف يمكن لفنان فينيسي أن يتمناه ، انتهت أيام الفقر والمرسم البسيط الوحيد والحياة الحزينة ، واصبح منزله قصرا جميلا يطل على بحيرة تجاه مورانو .
تزوج ابنة أحد النبلاء الفينيسيين وعاش حياة قانعة سعيدة ودب دبيب الأقدام الصغيرة ، ربما كانت أعماله غريبة .. ولكنها كانت رائعة واكسبته لقب الرسام الثائر وبدأ العالم يعرف أهميته ، ولكن نور حياته الحقيقي تمثل في ابنته الصغيرة ماريتا ، فبمجرد أن تعلمت المشي وجدت طريقها إلى مرسم والدها وظلت حتى سن الخامسة عشرة معه تساعده كما لو أنها أحد تلاميذه .. وكانت ترتدي دوما زي الأولاد ولم يفطن زائرو المرسم قط أن الصبي الماهر الوسيم .. كان حقا ابنة الرسام .
ورسم الكثير من المدارس ومنها مدرسة سان روكو التي غطى جدرانها برسومه ماعدى حجرة تركها لفنانين آخرين ، ولكن أشهر أعمال رسامنا في قصر الدوق ؛ فلقد غطى جانبا كاملا من الصالة الكبيرة هناك راسما الجنة وهي أكبر عمل زيتي في العالم .
عندما كان تنتوريتو يرسم كانت ابنته ماريتا قد كبرت واصبحت أمرأة واضحت رسومها أيضا شهيرة ، ولقد دعيت للبلاط الألماني والأسباني ولكنها رفضت وفضلت البقاء مع والدها حتى حين تزوجت من ماريو لم تبتعد عنه فهي تجيد الرسم والعزف والغناء ، وفجأة توفت ماريتا في ريعان شبابها ودفنت في كنيسة سانتا ماريا ديل أورتو وطلب تجهيز مدفن بجوارها ، بدا وكأن الفنان الكبير لن يستطيع العيش دون ابنته ؛ فلم يمر وقت طويل حتى وافته المنية .


الخميس، 14 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة السادسة عشر / تيتيان ١٤٢٧ ـ ١٥١٠ م

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة









تيتيان ١٤٢٧ ـ ١٥١٠ م
عرفنا من خلال بعض قصص كبار الرسامين مدى حبهم لتصوير المشاهد العالقة بذاكرتهم منذ أيام الطفولة ، كل واحد منهم قد تعلق بصورة يدفعه الحنين لرؤيتها منهم من لم ينسى قطيع الغنم ومنعم من يتذكر السماء والأزهار والفراشات ، وحين نأتي إلى الرسام الفينيسي الكبير تيتيان الذي ولد في مدينة كادور الصغيرة على بيف وعند أقدام جبال الألب على بعد ثلاثة أيام من فينيسيا نعلم هنا مدى تأثير الطبيعة التي انعكست على عقله وهو لم يزل بعد صبيا ، في كل ناحية ترتفع أكوام من جبال ضخمة ترتفع نحو السماء بقمم رائعة وعجيبة وغير مستوية تطفو الغيوم حولها ويلفها الضباب ، فلا عجب ان نراه يرسم الجبال الشواهق ومناظر طبيعية ارجوانية.
كان والده جريجورو فيسيلي واحد من نبلاء كادور ولكن أسرته لم تكن ثرية ، وعندما بلغ تيتيان العاشرة أرسل إلى عمه في فينيسيا ليتعلم التجارة لكنه كان مغرما بالرسم ، ولما رأى عمه أنه ولد موهوب وضعه في مرسم جيوفاني بيلليني ، ورغم أنه تعلم الكثير من بيلليني غير أنه بدأ يرسم بثراء لوني كبير جعل اسمه يلمع بين الفنانين واشترك في البداية مع جيورجيون في رسم جدران البورصة على جسر ريالتو .
ومع الأيام بدأت تدب الغيرة في قلب جيورجيون حيث امتدحت أعمال تيتيان بشكل كبير وبدأت فينيسيا تستيقظ على سطوع نجم الفنان تيتيان الذي جلب الشهرة والمجد للمدينة الجميلة . 
حين توقف الأمبراطور تشارلز عند بولوجنا ارسل إلى فينيسيا لإحضار تيتيان واعجب بعمله جدا ونصبه فارسا له معاش مئتا ريال انجليزي ، واضحت الشهرة والثروة في انتظاره أينما ذهب ، ولم يمض وقت طويل حتى دعي إلى روما ليرسم بورتريه للبابا ، وقد التقى هناك بمايكل أنجلو الذي نظر إليه بعين الإهتمام وأثنى عليه وعلى تلوينه ، ثم قال لصديق له : إنها الأجمل ولكن للأسف في فينيسيا لا يعلمون الرجال كيف يرسمون مثلما يعلمونهم كيف يلونون ، فلو ان تيتيان يرسم مثلنا لكان من المستحيل أن يفوقه أحد .
وامتد التوهج كتعويذة سحر على معظم أعمال وصور وبورتريهات لهذا الفنان الفينيسي الكبير ، وقد أحب الأطفال وتعلم كيف يراقبهم وهم يلعبون ، ومنهم ابنته لافينيا التي كانت ضياء عينيه ، لقد توفت زوجته وكان حزنه الوحيد بسبب ابنه الذي خيب آماله .
عاش تيتيان ما يقرب من مائة عام حتى أصبح مسنا وظل ظاهرا حتى نهاية عمره وفرشاته في يده يرسم صورا جيدة ، وعندما رحل ترك مخزونا من الجمال جعل العالم أغنى وأكثر جمالا .


الأربعاء، 13 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة الخامسة عشر / جيورجيون ١٤٧٧ ـ ١٥١٠ م

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة





جيورجيون ١٤٧٧ ـ ١٥١٠ م
عندما نسترجع سيرة حياة الفنانين الكبار ، نرى كيف أضاف كل واحد منهم صفحة جميلة في تاريخ الفن وبسط الجمال النقي لعيون العالم ، وإن كان البعض منهم يغرد وحده خارج السرب ويصنع لنفسه خطا ونمطا يميزه دون أقرانه ومنهم جيورجيون .
ولد جيورجيون بارباريللي في قلعة فرانكو وهي مدينة صغيرة قرب فينيسيا التي ارسل إليها ليتدرب على يدي الفنان الشهير بيلليني ، جيورجيون هذا الفتى الوسيم ذا هيئة ملكية حتى أن رفاقه منحوه لقب جيورجيون أو جيورج الأكبر وعلق به اللقب بينما طوى اسم العائلة طي النسيان ، كان مفرطا في حب الموسيقى والشعر والغناء بكلماته والحانه وبالعزف على آله العود ، وكان الرسم من أروع الأشياء التي كان يجيدها .
عرف الناس هذا الشاب كفنان تم توظيفه في مدينة فينيسيا ليرسم الجدران الخارجية للبورصة الألمانية بالجص وتسببت الريح والمطر وهواء البحر المالح في تدمير رسوم الجص هذه الآن ، واصبح وجود رسوماته من الندرة في اكاديمية فينيسيا ومنها صورة لاسطورة تدور حول عاصفة مرعبة رجت البحر وهزت المدينة .
وهنا تقص علينا مؤلفة الكتاب عن قارب صغير ركبه أحد الناس وطلب من الصياد داخل القارب أن يحمله لمكان بعيد وسوف يجزل له الأجر ، ورغم الأمواج المرتفعة والخوف من الآتي تحرك الصياد حتى وصل للمكان فترك الرجل القارب وطلب من الصياد الإنتظار ، ثم عاد بعد قليل ومعه شخص آخر وانطلقا لمكان أكثر بعد فاعترض الصياد فكيف له وقد جاء يجدف بمجداف واحد أن يأخذهم إلى هذا المكان البعيد ولكنهم قالوا طالما تهيأت لك القوة بالمجداف الواحد عليك ان تتحمل باقي المشقة وسوف نجزل لك العطاء ولم وصل للمكان دخل معهم للقارب رجلا مسنا وطلبوا منه الثلاثة الإنطلاق لعمق البحر المفتوح وسط تلاطم الأمواج والريح التي لا تهدأ ولكن القارب ابحر حتى وصل إلى سفينة سوداء كبيرة مأهولة بعفاريت من الجن الأسود منظهرهم مخيف وكانوا في طريقهم إلى مدينة فينيسيا .
انتصب ركاب قارب الصياد الثلاثة ورفعوا ايديهم وقد رسموا على أنفسهم علامة الصليب وطلبوا من الجن مغادرة المكان وأن يذهبوا حيث أتوا، هدأ البحر وصرخ الجن صرخة مرعبة ورحلوا في سفينتهم السوداء واختفوا تماما، فأمر الرجال الصياد بالعودة ، واوصلهم إلى أماكنهم وزنتظر من الأخير أن يعطيه أحره فلم يفعل ، ثم قال : أنت على حق إذهب إلى الدوق وقص عليه ما حدث .. أنا القديس مارك والفارس الشاب هو القديس جيورج ، والرجل المسن هو القديس نيكولاس .. إذا أخبرت الدوق سوف يجزل لك العطاء .
فسأل الصياد : ولكن إذا أخبرتهم هذه القصة فكيف سيصدقونني ؟
أخرج القديس خاتما من إصبعه ووضعه في راحة يد الصياد الخشنة قائلا :
سوف تريهم هذا الخاتم كبرهان وحين ينظرون إلى كنز سان ماركو سيقطنون أنه فقد من هناك ، وحين انتهى من حديثه أختفى .
باقي القصة متوقعة كما جاءت من خلال السرد وتسلم عطاء من حكام المدينة وعاش في رغد بقية حياته .

ولكن حياة جيورجيون وهي الأصل في تلك السطور غير أنها قصيرة وحزينة تحوم عليها علامات الأسى والمرار ، فقد أحب فتاة فينيسية جملة وأوشك على الإقتران بها حين سلبها منه صديق له وتركه مسلوب الحب والصداقة ، وبعدها اختفى الجمال من عينه .

الثلاثاء، 12 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة الرابعة عشر / فيتور كارياتشيو ١٤٦٠ ـ ١٥٢٥ م

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة



فيتور كارياتشيو ١٤٦٠ ـ ١٥٢٥ م
مثل سائر الفنانين الكبار كان لـ بلليني تلامذة يساعدوا استاذهم ويتعلمون منه ، من هؤلاء التلاميذ فيتور كارياتشيو الذي كان من الذكاء ان تعلم سريعا وإن كان تأثير استاذه على أسلوبه ظل معه وظاهر بأعماله ويبدوا ان الفتى كان فضوليا فما ان علم ان هناك إجازة وسوف يقام مهرجان حتى انسل من باب المرسم وتحرك بين الطرقات والجسور التي تربط الأنحاء حتى الشارع المائي الكبير وبالقرب من برج ريالتو راح يراقب الاحتفال والبهجة التي عمت المكان من ملابس زاهية على أجساد الجميلات وطيور في اقفاصها وشرفات تتدلى منها قطع السجاد والستائر الحريرية ، والقوارب التي اكتسحت الطريق المائي ، كل ذلك صنه صورة زاهية لا ينساها الفتى أبدا.
وبعد انتهاء المهرجان أخذ كارياتشيو طريقه إلى المرسم وحاول أن يرسم المشهد الجميل الذي مثل أمام عينيه ـ يوما بعد يوم ـ بكل تفاصيله كما رآه تماما ، ومعظم لوحاته التي رسمها منذ ذلك الوقت هي القصص الذي وجدت مكانها في ذاكرته وتلك المشاهد الزاهية بكل تفاصيلها .
كما اوضحت أن كارياتشيو اعتمد في صوره التي يرسمها مشاهد وملامح يذكرها ، ولكن توجد بعض الصور في كنيسة قديمة يقال انها من رسمه حين كان طفلا في الثامنة من العمر ، وهي مشاهد مأخوذة من قصص التوراة ، قد تكون مرحة ولكنها تبرز مهارة يديه وعقله المفكر ، حيث حضور فينيسيا في المشاهد مع السفن التجارية وجسورها الخشبية الصغيرة ، وكان هناك العديد من البحارة الأجانب الفقراء والمرضى ولا يجدوا من يأويهم أو يطعمهم ، لذا اتجه بعض الأثرياء الأجانب للرهبنة حيث وجد البحارة المساكين من يساعدهم ، هؤلاء الرهبان اختاروا القديس جورج كحام وولي لهم ، وحين بنوا كنيسة صغيرة دعوا إليهم كارياتشيو ليرسم جدرانها بصور عن حياة القديس جورج وقديسين آخرين .
ولم يجد كارياتشيو أنسب من ذلك وراح يعمل ببهجة عظيمة ، فمازالت تلك القصص تستهويه منذ الطفولة .
هنا نجد المؤلفة تسهب في شرح الصورة بالتفصيل واهمية هذا القديس ومن معه داخل الصورة وكأنها تقرأ من الإنجيل ولا تعير الفنان أي إهتمام ولم نعرف بعد ذلك عن حياته أي شيء زواجه أو وموته التي حددته في بداية الحديث عنه بانه عاش حتى الخامسة والستون وربما لم تتحصل إلا على صورة وحيدة من اعمال الكانفس من معرض الاكاديمية / فينيسيا تمثل اسطورة  حلم أرسولا .

الاثنين، 11 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة الثالثة عشر / آل بيلليني (جنتايل وجيوفاني)

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة







آل بيلليني
جنتايل بيلليني ١٤٢٩ ـ ١٥٠٧ م
جيوفاني بيلليني ١٤٣٠ ـ ١٥١٦ م
ما سبق من قصص حياة الفنانين دارت وحلقت حول فلورنسا ، ولكن القصص التالية بعيدة عن مدينة الزهور إلى قلب ملكة البحر فينيسيا حيث لا يوجد هنا أرصفة .. الماء فحسب الذي يلف جدارن قصورها الرخامية البيضاء وكأن حوريات البحر قد قمن ببنائها، ورغم ان فينيسيا ليس لها مروج خضراء وأزهار إلا أنها تشبه المدينة الحلم تبدو متفردة عن مدن العالم ولم تقع كاتدرائيتها سان ماركو تحت سيطرة روما قط .
حكامها كانوا يحكمون كملوك يعشقونها ويجلبون لها كل ماهو ثريا ونادرا ورائعا، ولذلك كان لفنانينها الذين عاشوا فيها اسلوبهم الخاص ، الامتداد المائي الوسيع أمام أنظارهم تثبت في قلوبهم نور وجمال من نوع خاص .
في الوقت الذي عاش فرا فيليبو ليبي يرسم في فلورنسا .. عاش في فينيسيا جاكويو بيلليني الرسام الذي كان له ولدان جنتايل وجيوفاني علمهما بعناية ودربهما بأقصى ما في استطاعته حيث تاق أن يجعلهما رسامين عظيمين لم ينسى النصح لهم ، ورغم انهما تعلما التنافس والتفوق فيما بينهما ظلا أفضل صديقين .
كانت فينيسيا تعتمد في حياتها أيضا على التبادل التجاري عن طريق السفن المبحرة هنا وهناك وضمن أحد الرحلات المتجهة لتركيا حملت السفن صورا رسمها جيوفاني بيلليني ، وعرضت على السلطان التركي الذي اندهش وابتهج لها جدا، وكما هو السائد عند كثير من الناس ان الدين يمنع التي بها ارواح ، السلطان لم يعر لذلك أهمية وأرسل رسولا إلى فينيسيا راجيا الرسام بيلليني الذهاب إلى تركيا في الحال .
لم يشأ حكام فينيسيا أن يسمحوا لجيوفاني حينها، ولكنهم سمحوا لجنتايل بالذهاب حيث أنتهى عمله في قصر الدوق ، وعندما وصل جنتايل إلى بلاط السلطان على متن أحد السفن التجارية استقبل استقبالا حافلا وعاش كأمير ملكي هناك ، رسم العديد للبورتريهات للسلطان ولنفسه وقد أحيط بالهدايا والعطايا ، ولكنه وقع في محظور الجدال حيث رسم صورة لابنة هيرودياس الراقصة وفي يدها رأس يوحنا المعمدان واحضرها للسلطان وقدمها إليه ، وكعادة الكبار مهما افتتنوا بالشيء فلابد ان تكون لهم كلمة ، حيث قال لا تبدو الرأس في وضعها الصحيح كما في صورتك ، فأجاب جنتايل بلطف أنه لا يرغب في مخالفة جلالته ولكن يبدوا أن الرأس في موضعها الصحيح .
قال السلطان بهدوء : سنرى ! ودون ان يحتدم النقاش كما جاء في رواية المؤلفة التي بالغت فيها كثيرا خاف جنتايل على نفسه وانسل بهدوء بعيدا وعاد إلى فينيسيا مع أقرب سفينة ممكنة ، في ذات الوقت كان جيوفاني قد أصبح أكبر رسام في فينيسيا والاول في مدرسة الفن الفينيسي التي انتجت الألوان الرائعة  ، لم يأبه جيوفاني برسم قصص تاريخ فينيسيا كما يفعل جنتايل ، واهتم بالرسم الفردي للقديسين وإلى جانب صور القديسين قد رسم جيوفاني بورتريهات لمعظم كبار وعظماء فينيسيا.
ظل الأخوان يعملان معا ولكن الموت ابعد أكبرهم سنا ليترك جيوفاني وحيدا ، ورغم أنه أصبح مسنا جدا قفد عمل بجد أكثر من ذي قبل وبدلا من أن تضعف يده صارت أقوى وأكثر مهارة ، كان في التسعين حين مات وظل يعمل حتى النهاية ، وقد دفن الأخوان في كنيسة سان جيوفاني إى بولو في قلب فينيسيا .

الأحد، 10 يونيو 2018

فرسان الفن .. الحلقة الثانية عشر / أندريه ديل سارتو ١٦ يوليو ١٤٨٦ ـ ٢١ يناير ١٥٣١ م

قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين 
للمؤلفة إيمي ستيدمان

قراءة / راضي جودة






أندريه ديل سارتو ١٦ يوليو ١٤٨٦ ـ ٢١ يناير ١٥٣١ م
عندما تصادف حكاية من الحكايات تروى عن شخص تتكون عندك قناعة بمتابعة هذه الشخصية حتي لو تبين لك أنها قصة اختلقها الناس ، وتلك حكاية أجنولو الحائك ـ الخياط ـ الذي يهمس بها البعض أنه ليس إيطاليا وانما اجنبيا أضطر للفرار من موطنه بسبب شجار شب بينه وبين أحد زبائنه .
وقد تزيد الحكاية ببعض البهرات الكلامية عن كيفية استخدامه المقص كسلاح للقتل ، تلك الحكايات تلاشت وعاش الرجل مع زوجته كونستانزا حياة سعيدة اعتنوا أيضا بتربية أطفالهم الستة .
الخمسة تشابهوا في كل شيء لكن السادس كان حادا وسريعا وتعلم القراءة والكتابة قبل ان يتم السابعة من عمره ، ثم أخذه والده من المدرسة ليعمل عند صائغ الذهب ، صحيح كان من المبكر ان يبدأ أندريه العمل في هذه السن ولكنه كان يزاولها كأنه يلعب طالما يستطيع أن يمسك القلم الرصاص ويقوم بالرسم  ، وإلى جوار الصائغ كان يوجد فنان مسن يسمى باريل وهو ليس فنانا كبيرا ولكنه أبدى اهتماما بأندريه الصغير ، وهو تواق ان يتتلميذ على يديه  ، وبالفعل عمل أندريه لثلاث أعوام متواصلة مع استاذه الجديد والذي ادرك ان اندريه يحتاج إلى تعليم أفضل مما سيعطيه هو نفسه ، فذهب إلى الرسام الكبير بييرو دي كوزيمو وطلب منه أن يقبل أندريه كتلميذ،
في البداية لم يتصور كوزيمو ان الإطراء الذي سمعه عن أندريه من باريل هو مجرد تشجيع ولكنه بعد أن راقب عمل أندريه أصبح مغرما وفخورا بتلميذه تماما كما فخر به أستاذه القديم .
وكبر أندريه وبدأت فلورنسا كلها تلحظ الرسام الشاب أندريه ديل سارتو كما كان يسمى أو ـ أندريه ابن الحائك ـ وقد اطلقوا عليه الفنان الكامل لفرط اعجابهم به والتي غطت شهرته على رافائيل ، وبعد ان أنشأ مرسمه وعمل مع شاب زميل له يعملان سويا بجد ومرح منفتحين على الحياة .
الجميع اعجب باندريه ولم يجد الغيرة من أحد للطفه ومجاملته ، غير أنه وقع في غرام وجه جميل تحمله لوكريزيا التي افتتن بها ، وحاول كل من يعرفه أن يثنيه عن التقرب إليها ولكن دون جدوى فقد تزوجها وهو يظن أنها بهذا الوجه الجميل ووجودها بجواره سوف يبدع أجمل واروع الصور ، ولكنها سليطة اللسان التي لا تهتم بصوره ولا لوحاته إلا إذا تم بيعها واخذت الأموال لها ولعائلتها ، ولم تعد تطيق الجلوس طويلا أمامه ليرسمها .. فإن هذا الجمال المتكبر يريد المال ليس إلا ولذلك كانت تقول له يجب ان ترسم اسرع من ذلك ، بطبيعة الحال من اجل فساتينها ومجوهراتها التي تزداد في حين الروح والجمال بدأ يقل في أعماله ، وجاءته دعوة من ملك فرنسا ليذهب إلى فرنسا ويدخل في خدمة الملك في الوقت الذي كان محبطا وفاقد الأمل فلم تمنحه لوكريزيا الأمان .
استقبل استقبال يليق بأمير في البلاط الفرنسي واغدق عليه الملك بالهدايا والملابس والنقود ، بدأ في رسم بورتريه الطفل دوفين ، ومرت الشهور تباعا وهو يرسم وسعيدا ومنطلقا حتى كان اليوم الذي ارسلت له زوجته بانها تشتاق لوجوده معها وإن لم يعود الآن فأنه لن يجدها على قيد الحياة .
ولم يرغب الملك في رحيله لولا أنه وعده بالعوده بعد اشهر ، فأعطاه الملك مبلغا كبيرا لينتقي له من نفائس اللوحات الإيطالية ويشتريها له ويحملها معه عند عودته ، ولكنه لم يستطيع أن يفي بما وعد بعد ان استولت لوكريزيا على كل النقود وراحت تنفقها ، واستمر اندريه في العمل رغم ان القتال اشتعل في فلورنسا ولكن هذا لم يجعله يتوقف عن الهمل في مرسمه الهادىء في محاولة يائسة ان يجمع النقود ليشتري للملك ما وعده به . ولكن الحروب يأتي معها غالبا عدوا خفي وهو الطاعون الذي أصيب به أندريه نتيجة عدم تناوله للطعام الجيد ، وتركته لوكريزيا وهو في هذه الحالة وخافت على نفسها من المرض في الوقت الذي فرح بنجاتها فقد احبها حبا عظيما خالي من الأنانية ومات فارس الفن الجميل .