حول البرنامج التلفزيوني الإيطالي /
بورجيا ( الإيمان والخوف )
قراءة فنية لحقبة زمنية مرت على بورجيا الإيطالية ابان عصر النهضة
راضي جودة
تنويه :
عندما صادفت الحلقات على برنامج اليوتيوب ورغبت في متابعتها في وقت فراغ لم اتمكن من الحصول على الحلقات إلا من خلال نسخة مدبلجة باللغة الروسية باسلوب وصفي كما الرواه حرمني من متابعة الحوار بين الممثلين باللغة الانجليزية للتداخل بين اللغتين مما يسبب صداع وعدم تركيز، ولم ادع هذا التداخل الصوتي المرهق للإنصات ، لم اتركه يحرمني من متابعة الحلقات والتعرف على فحوى القصة وزمن حدوثها ، معتمدا على الصورة فقط لتفسير المعاني ككجزء من ثقافة بصرية أدعي بامتلاك ناصيتها وفهم ما تحتويه .
…………………………..
كان عصر دافنشي وميكل أنجلو ، من الإبداع المستنير والإنجاز الفكري الذي لا يضاهى ، ولكن كان أيضا عصر مكيافيلي Machifaelli ، من تفشي الفساد والحرب المستمرة باسم القانون ، كان الفاتيكان هو قلب النظام العالمي الذي يتحكم ويحكم في النزاعات بين الممالك ، وفي وسط الفاتيكان كان هناك رجل يسعى للوصول للسلطة والحصول على الجائزة الكبرى والنهائية بالسيطرة على روما ، هذا الرجل الذي أصبح اسمه مرادفا للقسوة ( رودريجو بورجيا ) الذي سجل التاريخ عنه وعن عهده كبابا كأكثر العهود السيئة السمعة التي مرت على تاريخ الكنيسة الكاثوليكية .
وكيف تمكن عذا الكاردينال الأسباني وعشيرته من الصعود للسلطة وقد تحدى منافسيه السياسيين والدينيين للسعي إلى إقامة سلالة من شأنها السيطرة على العالم بأسره ، ورغم أنه محسوب وبقوة على رجال الدين إلا أنه كان غارق لأذنيه في ملذات الجسد وعبودية الجنس ، لم تكن فكرته تدور في التعامل مع المؤامرات التي يحيكها ضده زملائه الكاردينالات وممثلي القوى العظمى ، لكنه كان في حالة صراع دائم لاحتواء المنافسات التي هددت بتمزيق عائلته ، ونستطيع القول أنه يشبه مرجل صهر المعادن الذي يغلي وداخله شهب ومن حوله شهب ونيران ، كان ظاهرة من ظواهر تكريس المؤامرات والعنف، والقتل ، والشهوة ، وزنا المحارم، والخيانة ، والتضحية ، حالة تشبه زمانه التي كان يعيش فيه .
أبناؤه الأربعة ، الأكبر ( جوان ) مفترس وقاتل غارق في الجنس عديم الضمير ، أما الإبن ( سيزار ) فهو شاب ممزق بين إيمان وهدوء ، وطبيعة عنيفة مظلمة القلب ، ( لوكريتيا ) فتاة صغيرة تكتشف القوة السرية والعمل الخطير الذي يمكن ان تقدمه المرأة للحصول على كل شيء من خلال الجنس ، و ( جوفريدو ) طفل بريء قدره أن عاش بين أسرة تمزقها الصراعات .
……………………………………………………………………………
من الحلقة الأولى التي تم بثها يوم ١٠ يوليو ٢٠١١م ، وحتى الحلقة الأخيرة في ٢٧ أكتوبر ٢٠١٤ م قد وصلت الحلقات إلى ٣٨ حلقة لثلاث مواسم .
ولقد شد انتباهي من خلال اطلاعي على صفحة البرنامج بالقناة الخاصة على موقع الــ اليوتيوب تلك الملابس بألوانها وزخارفها وتنوع تصميماتها ، التي نراها في لوحات فناني عصر النهضة الإيطاليين ممن انشغلت وكثير من زملائي التشكيليين بتتبع سيرتهم واعمالهم التي كانت بمثابة النموذج الأمثل لدراسة فن التصوير والبورتريه منه على وجه الخصوص .
البداية مع بورجيا (BORGIA FAITH AND FEAR) في مارس ١٤٩٢ للميلاد ، من خلال خارطة إيطاليا نلاحظ الهيمنة الفرنسية التي تتحرك انتشارا نحو المنتصف من الأراضي الإيطالية بمنطقة كالون لنتعرف على بورجيا بدخول شاب وسيم (سيزار) إلى المذبح المقدس وقد اخذ موضع المتعبد الخائف من غضب الرب على خلفية الإعتداءات التي ارتكبها ويده تمسك بالسوط لتأديب نفسه والتكفير عن ذنوبه .
وتنتقل الصورة إلى العذراء التي استيقظت فزعا لرؤية دماء اعلان اكتمال ثمرة الأنوثة ، في الوقت الذي يدور به اجتماع المجمع المقدس بالبابا مع تبادل للرأي وتقديم الحجج للإنتشار الفرنسي و الاسباني وفعاليته التي اقر البابا صلاحيتها لكاردينال بورجيا بعد اخذ التصويت عليها بــ ١٦ صوت مقابل ثلاثة أصوات ، ونرى بين الحين والآخر ظهور(سيزار) في صبيانية لا تخلو من المشاكسة والتدافع بالأيدي ، وتنضج قليلا العذراء لوكريتيا ، نشاهد تنقلها بين المشاهد، وإقتراب الأم من هذا القلب البكر للتحليق في الحياة بعيدا السياسات الدينية التي لا تناسبها في هذا السن .
وفي مهارة ولياقة يستعرض المخرج تنافس شابين في لعبة الاسكواش بدون نضارب وانما اعتمادا على ضرب الكرة باليد المغطاة بقفاز ، ويبدو ان (جوان)
هو الشاب الأكثر نفوذا وحظوة لدى الكاردينال الذي يذكرهم دوما بأنه ممثل البابا وعليهم أن يظهروا محبتهم له بالطاعة وتنفيذ اوامره ، وهو يقول أنه يريد مراقبة كل ما يدور في مدرسة الكنيسة ، لانه لا يريد لبورجيا ان تكون لعبة للثورات خاصة لمن يرفضون وجوده لاصوله الاسبانية ، رغم حلمه بتولي مقاليد الأمور بعد موت البابا ، فهو يظهر دائما وهو غارق بملذاته ، الصراع والتنافس داخل العائلة كبير ، وقد لاحظ ( رودريجو بورجيا ) ان الرسومات التي تغطي المبنى ليس بينها قديسين من أصول أسبانية ، وسأل فرنسيسكو عن خروج مجموعة من العصاة والمجرمين مجردين من الثياب أمامه ، ويصرخ أحدهم في وجهه وهو يغادر : عليك أن تخجل !!، وعند المساء حين عاد الأبناء الثلاثة يتقدمهم حامل الشعلة لينير لهم الطريق اعترضهم نزلاء الأبرشية ومنعوهم من السير عبر مكانهم ، تحمس سيزار للإشتباك معهم ، لكن جوان فضل التراجع عن المواجهة مما أغضب سيزار ، في الوقت الذي يمارس فيه رودريجو وابنه جون انحطاطهم الأخلاقي ، كانت لوكاريتيا تشاهد ما يدور في الخفاء وتنحاز للصمت ، وفي لحظة ارادت أن تلجأ لابيها لما تلاقيه من شراسة في المعاملة من ادريانا اعطاها سواره كهدية تعويضية في ذات الوقت الذي اعطى قلادة ثمينة لادريانا عشيقته ، وعقد المجلس الكنسي وتم تنصيب سيزار ابن الثامنة عشر نائبا للكاردينال بورجيا ، واطلقت يده رغم ان عدد المعترضين قد ارتفع قليلا بفقد اربعة أصوات ، شيعهم رودريجو بنظرة تحدي ، واندفع الأولاد للقتال من جديد كمن يدافعون عن انفسهم امام المعتدين ، وانطلق صوت رودريجو بأنه سوف يرفع الأمر لقداسة البابا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق