الجمعة، 5 أغسطس 2011

التعددية في وسائل التعبير ووسائط الفنون


قراءة في أعمال الفنان عبد الرحمن العجلان
التعددية في وسائل التعبير ووسائط الفنون
بقلم / راضي جودة
الفنان عبد الرحمن العجلان واحد من أهم الفنانين الذين قدموا انفسهم على الساحة التشكيلية من باب المشاركة والتفاعل مع المجتمع التشكيلي على الرغم من اختلاف طبيعة العمل والدراسة إلا أنه قد تابع بشكل دقيق كل ماهو يدخل في صميم الفن من ثقافة وتدريب وخامات بل لعله قد تجاوز بعض الدارسين بالتجريب خلال خامات مثل برادة الحديد والعظم والكولاج وخامات متعددة وقدم أعمالا قيمة خلال جماعة ألوان كذلك على مستوى المسابقات والمشاركات الوطنية والإجتماعية ، واليوم ونحن نعرض لتجربة الفنان العجلان لابد من التنويه على أنه هناك تباين بين الخطاب الوعظي الاسترشادي لدى الفنان المصور عبد الرحمن العجلان يختلف تماما عن روح التهكم والسخرية التي نراها في منحوتاته ، والفنان الذي يجمع كل تلك الخصائص من خط ونحت ورسم وكتابة هو فنان استشكالي بالمعنى البحثي وراء الفرادة في التباين والتميز لكل شخصية على حدى أوتغليب واحدة عن الأخرى .
ولعل أهم ما يميز الفنان عبد الرحمن في تعاطيه مع الفن أنه جاء من باب الهواية والإنسجام والمتعة .. كما أنه فنان ــ  بيتوتي ــ  فمنزله هو المكان الذي يمارس فيه تلك الأعمال حيث يتيح له فرصة الراحة والقدرة على العمل في هدوء ورويه وتأمل ، ومسألة التأمل بالنسبة للفنان العجلان هي دعوة نابعة من معتقد إيماني بما أكد عليه القرآن الكريم بقوله تعالى : { أفلا ينظرون إلى الأبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت ... } لكن طبيعة عمله ــ كرجل أمن ــ  تتحكم في مواعيده وارتباطاته مما قد ينعكس بالتالي على الساعات التي يخصصها لفنه .
ومن أهم خصائص اللوحة لدى الفنان العجلان وجود المآذن والأهلة بمعنى أن العمارة في شكلها البنائي والمعماري لا تختلف كثيرا عن المكون الشكلي في النحت الخاص به ولكن في اللوحات تتميز الألوان بخفوت الصوت وكأن الصورة الدائمة التي تستفز حواس الفنان هي هدوء الليل وساعات الفجر الأولى كما أن تلك اللحظات كفيلة بتواري بعض الألوان وتداخلها في تمازج يحدد في بساطة ما نوهنا عنه ولكن تتجلى لمعة الهلال سواء فوق مأذنة أو يطل علينا في فضاء اللوحة ليبوح باسرار الليل لعل تلك هي اللوحات الأكثر شيوعا لدى العجلان ولكن بعض اللوحات تحمل رسائل مباشرة لا تحتمل التأجيل ويضعها أمام المتلقي بنفس المستوى ولكن يمنح الفرصة للتأويل كل حسب ثقافته ووعيه بنا يشاهد فهناك لوحة من الأعمال الأخيرة وضع لها بعض الأسلاك الشائكة ، ومن هنا كان الخطاب مباشر ومحدد ولكن في فضاءات ودلالات كثيرة من تلك الدلالات ما يحدث لأهلنا في غزة والضفة أو ما يحدث من وسائل منع للخطاب الإبداعي فوجود السلك الشائك هو وجود التحذير بشكل محدد وعالمي في الخطاب أنه ( ممنوع الأقتراب والتصوير ) والممنوعات كثيرة ولعل اللوحة كانت بقدر كبير من الوعي بالفكرة حتى أننا نستطيع أن نقول بإطمئنان أنها تسجيل حالة من الهم قد أوصلت الفنان لفكرة العمل ، كما يوجد عمل سابق انتجه بخامات متعددة يحمل قصاصات ورق جرائد تحمل أخبار للمآسي والحروب والحوادث كلها وضعت بجوار خطاب أو ظرف خطاب موجه لمن يعنيه الأمر .
لذلك أرى أن هذا الفنان بتلك المعاناة كان من الممكن أن يصبح مشروع فنان كاريكاتير ( الفن المشاغب ) من الدرجة الأولى ومنها لابد أن أدخل للمجسمات والمنحوتات عندما نراه يضخم اليد في احتضان الوجه أو عندما تنفصل الأنف ولا نراها إلا من زوايا محدد وكذلك بعض الزوايا الهندسية التي تخرج عن حدود التوازن لتبعث الدهشة لدى المتلقي ولا ننسى أيضا وجود العظام التي هي آخر ما يتبقى من الكائنات بعد فنائها تلك العظام يضعها كوسيلة تعبيرية يمكن أن تهضم من خلالها الفكرة وربما تضعك في مكان الدهشة فقط .. تلك الأمور مجتمعة تجعلنا نبحث وراء هذا الفنان المتأمل والراصد والذي يجمع بين روحانية المتأمل ورومانسية الشاعر وبين الكوميدي الساخر في ميلودراما تشخص لحاله المبدع الذي يعاني في كل الظروف ولا يملك سوى أدوات التعبير التي قد تقتصر في بعض أو كثير من الأحيان على القلم والريشة والألوان

نشرت بمجلة الأربعاء عن جريدة المدينة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق