الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

التصوير والتلوين برائحة الفرح







التصوير والتلوين برائحة الفرح
قراءة في جماليات فن الشيخ إدريس
بقلم / راضي جودة


عندما تخرج الشاب اليافع ذو أثنين وعشرون عاماً الشيخ إدريس عبد الرحمن من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالخرطوم عام ١٩٧٨مبتخصص طباعة وتصميم  عمل على مدى خمس سنوات بمصلحة المساحة مسؤولا عن أعمال الطباعة من كتب دراسية وأغلفة أعتنى وقتهابتوظيف ما تمت دراسته وقدم الكثير من الأفكار لكن حلم السفر وتحقيق حلمه كمصمم وفنان ظل يؤرقة للتحليق في فضاء آخر ومناخ قديتسع لتلك الأفكار التي أخذت طريقها لحيز التنفيذ لولا أنه أيضا كان يبحث عن جديد لأن الطباعة والتصميم في ذلك الوقت كانت تتدافعنحو التطور المزعج والتنافس الذي يسطح الأشياء ولا يعمق لفكر الفن ، من هنا راح الفنان التشكيلي الشيخ أدريس يقدم نفسه من خلالاللوحات والإشتراك بالمعارض التشكيلية والتنافس في مسابقات ثقافية وفنية وهو ما يحمله سجله الحافل بكل تلك النشاطات .
تتنوع أعمال الفنان التشكيلي الشيخ إدريس بين تكوينات شكلية وهندسية تحمل بعض التفاصيل من رموز وحروف ولكن تلك الأعمال لاتبلغ فيما نظن مبلغ الأعمال المتميزة التي تضيف لفن هذا الفنان أو حتى تكشف للباحث عن مدى أهمية وتطور تلك النماذج إذا دخلتمنطقة المقارنة مع أعماله الأخرى ، فالتكوينات التي تحمل في طياتها همس ما وحكاية تختفي وراء الرموز قلما تظهر بنفس جمال وقوةاسلوبه التأثيري في نقل وقائع ومشاهد محددة ولكنها لغة بصرية عالية المدارك تعتمد بوح الفنان في لحظة من لحظات التجلي مع المهارةاللونية ، وحتى تعاطيه مع الحروف والرموز يتم توظيفها ضمن الإطار اللوني والشكلي وإن بدت في بعضها بالاضافة السلبية التي إنحذفت فلن يتأثر العمل فهو حضور مهني لا يرقى لمستوى إبداعات هذا الفنان الراقي ، ونرى على سبيل المثال الأعمال الساكنة في الطبيعةتميزت الألوان بالنصاعة والشفافية ومحاكاة الواقع ( الواقعية ) بإغفال بعض الظلال بشكل متعمد لأضفاء اشعاع للون وبهجة للعمل ، وفيتصويره لحفلات الأعراس لا يغفل أقل التفاصيل رغم الضربات السريعة والمتسعة للفرشاة والمحافظة على التباين كي يشعر المتلقيبالحضور القوي للضوء إلى جانب الزينات الأخرى التي تشع جو الإبهار ، حتى عندما ترى الفتيات وهن يأدين الرقصات يتخللك شعور أنكل تفاصيل اللوحة ترقص ، ولعل اللوحة التي بين فيها الاستعدادات للعرس وخلو المقاعد من الضيوف كأنما يطرح سؤال .. هل أنفضالسامر ؟ أم هي لحظات هدوء تسبق الضجيج ؟ .. هذا الفنان بعينه الثالثة استطاع أقتناص تلك اللحظة الفريدة .
حتى العرضة النجدية في لوحات الشيخ إدريس تأتي لك بالمشهد كاملا دون التدقيق في الشخوص لكنه يضعك أمام كل التفاصيل مهمابدت صغيرة .. سواء الأزياء ومشتملاتها من أحزمة ونقوش ، أو أسلحة ولكن بطريقة تتماهى مع البياض الذي يعلن عن حالة الفرحداخل العرضة النجدية التي هي في الأصل واحدة من رقصات الحرب في منطقة الخليج .
وللنيل في لوحات الفنان جمال خاص عندما يطل عليك من خلال مرسى القوارب وهناك مشاهد قد تبدو السماء ملبدة بالغيوم التي قديعقبها مطر فتشعر بين ألوانه بأنك مبتل بلحظة الشوق للإبحار في ذات الأماكن التي استدعتها ذاكرته بشعور من الحنين المتدفق .
في جزء من أعمال الفنان نرى حضور الخيل في مراعيها ولكن بتشكيل يخص الشيخ إدريس الذي يتعامل مع ذلك المشروع برومانسيةحيث نجد معظم خيوله بيضاء شهباء تبرق تحت ضوء الشمس وتتباين مع المساحات الخضراء وتستعد للمداعبة والتزاوج ، وقبل أنتهائيمن تلك اللمحات السريعة لما شاهدت من أعمال هذا الفنان أرى أن هناك لوحة من أهم أعماله من وجهة نظري هي القطعة الفريدة ، والتيتكمن فرادتها في اطلاق العنان لأفكار كثيره من ضمنها .. مقاومة الموج الهادر أمام ضعف الإنسان بتباين القوة القادمة الصادمة والتينرى فيها الإنسان وكيف يبدو ضعيفا صغيرا ومن الصعب له التصدي لهذا القادم العاتي، ملمح آخر أراد به البوح لما يشعر به وفيما يخصهولكنه يعرضه كحالة إنسانية لفنان يتنقل بين العواصم ويحمل معه الوان البهجة والفرح برغم الانكسارات التي يغلفها الصمت .
الشيخ إدريس فنان جميل تحمل ألوانه البهجة واسعدني جدا الاقتراب من عالمه التشكيلي .

لوحة العرضة النجدية



حصرياً للمدونة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق