الاثنين، 1 أكتوبر 2018

الجرافيتي أو فن الجدران بين العالمية والتهميش





الجرافيتي
أو فن الجدران بين العالمية والتهميش


الجرافيتي فن مستقل بذاته يعمل على كسر ملل الشكل الحضري للمدن بالألوان الحيوية والبهجة بعيدا النمط الأسمنتي الخرساني والمعدني الذي يسيطر على المشاهد اليومية للإنسان .. ولكنه مطارد إجتماعيا ممن يرى أنه تشويه وإبتزال وتعدي على حقوق الملكية عندما يلطخ برذاذ ألوانه سور منزلي أو جدار ضمن ممتلكاتي ، وكذلك من بعض المثقفين الذين ينادون بسن القوانين التي تجعل لتلك الفنون أماكنها الخاصة وربما المغلقة ويتصورون أنها ظواهر دخيلة على المجتمعات أو تقليد للغرب ، والفنون عموما لها خصائصا تميزها وتحدد هويتها التي تغيب بطريقة أو أخرى عن خارطة الإعلام والمنابر الثقافية ، إما تهميشا أو فقر في المعلومات ، والجرافيتي الذي يرسم رحلة الحج أو القصص الشعبية أو تزيين منزله بالجص والرسومات والألوان لا يخضع لتلك النظريات .

ومن الشواهد الفنية التي يمكن الإشارة إليها في جميع القرى والمدن حول العالم مالا حصر له من تلك الأعمال والأنشطة الفنية ما يلي :
ـ جدارية تتكون من سبعة آلاف قطعة فنية بينالي عسير الدولي لرسوم الأطفال بقرية حمسان التراثية برعاية أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد وبمشاركة ١٦ دولة ، مما دفع بكبار الفنانين في المنطقة من البحث حول مهرجانات وأنشطة تتخذ من الجداريات وسيلة للتعبير عن المنطقة تاريخيا وفنيا وللترويج السياحي .
ـ جداريات ال سيد العالمية . يعد الفنان الكاليغرافيتي التونسي العالمي إل سيد eL Seed، المعروف ببراعته في الرسوم الجدارية التي تمزج بين فن الجرافيتي والخط العربي، واحد من أهم من تحمسوا لهذا الفنان والعمل على نشره وإنتشاره بكثير من مدن العالم ، يختار ال سيد أسطحاً ضخمة وواجهات مبانٍ حول العالم لإنجاز لوحاته الجرافيتية الجريئة والجميلة في آنٍ واحدٍ التي تمزج بين جمالية الحروف العربية وأصوله الشمال الأفريقية.
ـ جداريات البرلس في مصر . لم تكن المصوّرة الفوتوغرافية المصرية منى حسن تعلم أن رحلتها إلى قرية البرلس (تقع بمحافظة كفر الشيخ في مصر) ستجعلها تتعرف على كنز فني صنعته أيادي 40 فناناً من 14 دولة.البرلس)، لكنها فكرت أن تتجول بكاميرتها في القرية، لتكتشف جداريات فنية مرسومة بألوان زاهية على بيوت أهالي المنطقة الفقيرة، قررت منى أن توثق بكاميرتها هذه الجداريات لتقول للجميع "تعالوا لتشاهدوا كيف غيّر الفن المكان للأفضل
ـ تسببت رسمة على أحد جدران كورنيش مدينة جدة للملك عبدالله - يرحمه الله -  بشهرة الشاب السعودي "أحمد الزهير" البالغ من العمر 31 عاماً ويعمل مدرساً للغة الإنجليزية في نفس المدينة، حيث ارتفع عدد متابعيه في "إنستغرام" من 7 آلاف متابع تقريباً إلى 94ألف متابع، وشاهد رسمته مئات الآف من مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي، حتى أصبحت صور معرفاتهم تحمل رسمته التي أنجزها خلال نصف ساعة.
ـ جدارية سوق عكاظ ضمن الفعاليات التشكيلية المتعددة التي يهتم مهرجان سوق عكاظ بابرازها ، وقد فاز بالمركز الأول هذا العام الفنان حسن النعمي .

وعرف الإنسان هذا النوع من التعبير عن حياته وتسجيل يومياته في صور متعددة نذكر منها ما هو مدون في التاريخ الإنساني :
الرسم والكتابة على جدران الكهوف ، الرسم على جدران في الحضارة السومرية ، الرسم على جدران في الحضارة البابلية ، الرسم والكتابة على جدران في الحضارة الفرعونية ، الرسم على جدران في الحضارة الرومان ، الرسم على جدران في الحضارة اليونانية .
ثم نجد في عصرنا هذا امتداد للسابقين في استخدام الجدران والحوائط والأعمدة الخرسانية والكباري في الرسم والتي تعتبر مثال حي على أن الجرافيتي فن شعبوي يجد القبول من العامة مثل :
سور برلين الذي كان مناخ جيد لفن الجداريات (الجرافيتي) والكالاجرافيتي ، حتى أن هناك قطع تم بيعها بعد هدم السور الذي كان عازل بين برلين الشرقية والغربية ، اسوار فلسطين والجدار العازل الذي صنعه المحتل مناخ جديد للرسومات الساخرة من المحتل .
تجميل محطات المترو وصالات المطارات وبعض الساحات داخل المولات ، الرسم على الأبراج والجسور والمباني الشاهقة ، الرسم والكتابة على جدران كاعلانات شعبية رخيصة الثمن ، الرسم والكتابة على جدران واسوار المدارس للتوعية والتوجيه .

ومن الأسماء المشهورة في الفن الجرافيتي ، الفنان العراقي الشاب احمد حسين الزعيم أستاذ مادة الجداريات في معهد الفنون الجميلة ببغداد ، والفنان الملقب بجنزير من مصر في المركز العاشر في التصنيف الدولي ، والمشاهير من العالم خايمي روخو وستيفن هارينجتون ، وسوون من شارع الفن ببروكلين ، وهناك أيضا مونيليس ، وتيلاس وبلو وبكسل بانشو من إيطاليا ، ومن بلاد عديدة حول العالم يوجد هذا النوع من الفن ونجوم هذا الفن .

يعتمد الجرافيتي في تنفيذ الجداريات على رذاذ الطلاء المشهور بالاسبرية ، وعجينة القمح  والاستنسل ، والملصقات .

من الرسوم الكرتونية إلى اللوحات الجانحة والجامحة :
كانت البدايات حول تقليد الشخصيات الكرتونية ورسوم الأطفال عند اسوار التمهيدي والروضة للأطفال ، وكذلك رسومات الملاهي وملاعب وحدائق الأطفال ثم أصبح هذا النوع المعقد من الفنون يلقى حبا وتجاوبا من الشباب منتشرا إنتشارا رهيبا ، غير أن عبثية الشباب وبعض مشجعي الأندية الرياضية والمتعصبين لفكرة الجرافيتي الساخر ممن لم يردعهم حتى اليوم قانون ضد التلوث البصري الذي نراه فيما يكتبون ويرسمون ، مما يدفع إلى زيادة حالة المناهضة لهذا الفن والعمل على إزالته بشكل تعسفي ، ومن انشط كتاب ورسامي الجدران ممن اطلعت على أعمالهم ، هو جمال الدولي بالاسكندرية والذي يعتبر حالة فريدة في التهكم والسخرية للدرجة التي تجعلك تتعاطف منه وتنتظر جديدة الذي يقوم برسمة عند فجر كل يوم بالمدينة خاصة بطريق ترام الرمل .
.................................................................................
المقال تم نشره بمجلة أحوال المعرفة








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق