الخميس، 18 أكتوبر 2018

عتبات البهجة







كيف وحدت (عتبات البهجة) بين إبراهيم عبد المجيد وماهر جرجس ؟
أو لماذا تدفع غواية الرواية الفنان للبحث داخل حروفها عن اللون والشكل ؟. 
راضي جودة
في تصورك كيف يرى الشاعر والأديب اللوحات التشكيلية ، وبالتالي ما هو تأثير قصيدة أو رواية على فكر وإبداع فنان تشكيلي ، وما ظنك بشاعر وأديب يمسك دفة اللون ويعتلي سفينة التشكيل ، موضوع كبير أطرحه للدراسة والبحث عن الأديب التشكيلي ومنهم أدوار خراط والحسين فوزي وصلاح جاهين ، وحسين بيكار وغيرهم وغيرهم ، ولكني أبحث اليوم عن سؤال : كيف وحدت (عتبات البهجة) بين إبراهيم عبد المجيد وماهر جرجس ؟
……………………………………………………………………………………………………
الأديب الروائي إبراهيم عبد المجيد في رواية عتبات البهجة لديه مجموعة من الأسئلة يطرحها كمفاتيح فصول  تتابعت على النحو التالي  :
١ ـ كيف جعلني حسن أرى الحديقة لأول مرة رغم أنها تقع في طريقي كل يوم ؟
أو لماذا كان سيدنا آدم أفضل منا جميعا ؟
٢ ـ كيف تعرفت على دنيا …..؟ أو لماذا كانت دنيا تموت مرة كل أسبوع ؟
٣ ـ كيف اكتشفنا أن هناك دائما وقتين في كل وقت ؟ أو لماذا يختل ميزان الأمم بسبب نقص خل التفاح .. ؟
٤ ـ كيف لم يعد حسن يعرف النور من الظلام ؟ أو لماذا يحب أن تتعطل ذاكرة الناس ؟
٥ ـ كيف انقذني حسن من موت محقق ؟ أو لماذا يجب أن يشتري الإنسان كلبا؟
٦ ـ كيف اكتشفت علاقة دنيا بفادية ؟ .. أو لماذا لم يبق غير سعيدة ؟
٧ ـ كيف توقفت الساعات .. ؟ أو لماذا لم نسمع في السرادق إلا آيات الجحيم ؟
٨ ـ كيف ضللت السبيل إلى البيت ؟ أو لماذا لا يمكن أن أتزوج أبدا؟
٩ ـ كيف سأل حسن عن منى الحوت ؟ أو لماذا كان سعيد جدا آخر الليل ؟
١٠ ـ كيف اكتشفنا برج بابل ؟ أو لماذا أعطى حسن كلبين لابي صفيحة ؟
عشرة أسئلة بدأت بكيف ولماذا ..، وضعت أبطال الرواية البسطاء والأبرياء في مشاعرهم امام أنفسهم يستقبلون العالم حولهم ، وحيدون يلوذون ببعضهم ، ينتصرون على القسوة التي تحاصرهم بالدهشة الدائمة التي تتجلى في أكثر من أسلوب من السخرية .. إلى روح الدعابة ، إلى القلق ، إلى الوداعة والرضا .. مجسدة لمحفل جميل .
تلك كانت اسئلة وشخصيات ابراهيم عبد المجيد ، فكيف لنا ان نستنتج الغواية ( داخل الرواية ) التي دفعت ماهر جرحس لتكون عنوان معرضه الكبير ، وجدت أنه من الإنصاف أن أضع لنفسي بعض الأسئلة التي اتصور انه من الضروري أن يجيب عليها الفنان التشكيلي والشاعر والمثقف ماهر جرجس ، وهي كالتالي :
١ ـ كيف جعلني ماهر ازور المعرض ليومين متتاليين ؟ ولماذا لم اكتفي بحرارة الجو معتذرا ؟
٢ ـ كيف تحملت الصالة والمكان هذا العدد من البشر ومن الأعمال ؟ أو لماذا كانت هناك تلك النخبة من الشعراء ؟
٣ ـ كيف لم نشعر بأن الوقت داهمنا وعلينا الخروج من الباب الجانبي ؟ أو لماذا كان هناك عرضا مسرحيا بنفس الوقت .. ؟
٤ ـ كيف لم يعد بإمكاني الوقوف طويلا ؟ أو لماذا توجد قاعة للــــ vip ؟
٥ ـ كيف انقذني احمد صيام من الوحدة التي شعرت بها ؟ أو لماذا يجب أن يكون لديك موعدا آخر يدعوك لمغادرة المكان ؟
٦ ـ كيف اكتشفت علاقة الرطوبة بزجاج البراويز ؟ .. أو لماذا لم يبق السائق منتظرا خروجي ؟
٧ ـ كيف توقعت حضورها .. ؟ أو لماذا لم نسمع عن سبب ارتباك سير الافتتاح  ؟
٨ ـ كيف ضللت السبيل إلى الميكروباص ؟ أو لماذا لا يمكن أن اقتني سيارة أبدا؟
٩ ـ كيف سألت ماهر عن العدد الكبير من اللوحات ؟ أو لماذا كان يبدو سعيد جدا مع اسامة عفيفي ؟
١٠ ـ كيف اكتشفنا مجلة المجلة ؟ أو لماذا أعطيت نفسي فرصة قبل كتابة هذه القراءة النقدية ؟
الفنان ماهر جرجس بداية تعرفت علية من خلال معرض ( أطياف لونية ) وكان مديرا لقصر التذوق الثقافي والذي كان يعتبر من أهم قصور الثقافة بالإسكندرية المشتعل بالنشاط المنبري والفني على عكس قصر الإبداع الذي يعتبره البعض وأنا منهم قد تحول لمكان نخبوي لا يخدم الثقافة الجماهيرية كما كان في عهد الاستاذ المحترم محمد غنيم ، أقول هذا وضميري مرتاح تماما لانه عندما كان قصر الحرية ( الإبداع ) شعبيا عرفت من خلاله معظم مبدعي وفناني الإسكندرية الحقيقيين واستطيع ان اذكرهم بالاسم لولا ان الموضوع الذي اتناوله عن عتبات البهجة ، فهذا كفيل ان يحرمني حتى من الذكريات المؤلمة ، المهم عرفت الرجل وعرفت معه الفنان سامح صلاح الدين ـ يرحمه الله ـ واشتركنا جميعا في نجاح المعرض الذي يذكره البعض حتى اليوم لما كان له من تميز بوجود اطياف عربية حقيقية تمثل قطاع عريض من الفن العربي التشكيلي .
وعتبات البهجة لماهر جرجس جمعت ٩٧ عملا تشكيليا ينتمي أو ينزاح لروح الكاريكاتير في تصاميم ابداعية لا هي ممثلة للواقعية ولا تخدم التجريد وانما هي اعمال تخاطب كل المستويات بشكلها المباشر والبسيط ذات الخلفيات الثقافية المتنوعة والتي تتقابل مع ذائقة المتلقي جمعت بين الفوتوكولاج والفلكلور الشعبي والرسم الإعلاني والحكاية وما يمكن ان نصفه بالقصص المصورة Storyboards ولكن كل لقطة منفصلة في لوحة مستقلة ، والغالبية العظمى من الأعمال ( ٦٣ ) عملا كانت بالخلفيات السوداء والتي وضحت بها التحديدات باللون الأبيض بجلاء وكذلك معظم التفاصيل بالوان زاهية تدل من جديد على إحترافية وخبرة هذا الفنان في التصميم ووضع اللون في مكانه دون رتوش  .
فهل اجد اجابات لأسئلتي عن هذا المعرض ، كيف لا ؟ كان الفنان حاضرا وهو الذي جعلني ازور المعرض مرتين ، مرة للإفتتاح بما يضم من فنانين ومتابعين وكاميرات وصحافة والاستمتاع باللقاء ولكن حالة الظمأ لا يشبعها إلا حضور آخر بعيدا عن الشكل الرسمي ورغم حرارة الجو وارتفاع الرطوبة ولكنك لا تقوى على الاعتذار عن حضور معرض بتلك الكيفية ولاسم فنان كبير ، كانت الاعداد في تزايد ولا ابالغ إذا قلت انك تقف وسط الجميع في صعوبة ، اللافت للنظر فعلا عدد الشعراء الي جانب التشكيليين وعرفت ان ماهر جرجس يتعاطى الشعر أيضا ، وعندما اعلن عن قراءة نقدية للاستاذ اسامة عفيفي ، بالتالي كانت الفرصة ان اشاهد المعرض للمرة الثانية وكنت حريص جدا ان اسبق الجميع للحضور قبل الموعد بساعة ، 
الجدير بالذكر ان الوقت مضى سريعا ولم اشعر إلا باحد المنظمين بمركز الإبداع يشير لي بان الباب الرئيسي موصد لوجود مسرحية تعرض الآن وأن الخروج يكون من أحد الأبواب الجانبية ، اسعدني لقاء الاديب الدكتور احمد صيام الذي انقذني من الوحدة التي كنت أعاني منها فأنا فعلا غريبا في وطني ولم أجد مقعدا لالتقط انفاسي فيما أرى بعض الكروش والنافذين ما زالوا يتربعون عرش الــ vip رغم خدمة الآلة الإعلامية التي صبغت على البعض منهم صفات لا يستحقوها بالمعنى الحقيقي للإبداع ، واستطيع ان اقول بضمير مرتاح أيضا ان البعض منهم أصبح مبدعا بالصدفة أو بوسيلة ما ، زجاج البراويز لم يخدم بعض اللوحات التي فعلت بها الرطوبة ما فعلت وليتها كانت بدون زجاج ، لم ينتظرني احد في المرتين المتتاليتين رغم الم العامود الفقري الذي اعاني منه ولكن الجميل انني عندما فقدت مكان الميكروباص وجدت مكان بالقطار اكثر رحابة وفي الطريق كان بصحبتي مبدعة حقيقية اكثر ودا مما توقعت ، تلك الصحبة وهذا المشوار وسط الزحام الخانق جعلني لا افكر في اقتناء سيارة أبدا، ولكن السؤال الذي طرحته على الفنان للعدد الكبير من الأعمال والذي كان من الممكن ان يكون لمعرضين جاءت الإجابة صادمة حتى انني قبلته ودعوت له بطول العمر ، لقد قال لي : ربما يكون هذا معرضي الأخير ولم يعد في العمر المزيد .
كنا على موعد مع الاستاذ الناقد اسامة عفيفي غزيز المعرفة الموسوعي الثقافة الذي تعلمت بين يديه في ذات اليوم كيف يكون الانسان قلقا وهو يطرح عملا ابداعيا للقراءة النقدية وكيف يسهر الليل يدرس الشخصية من جميع الزوايا ، كان اسامة عفيفي رئيس تحرير مجلة المجلة المصرية ( التي اسمع عنها للمرة الأولى ) يحترم عقولنا وكان حفيا بنا ان نشد على يده ونشكر له تلك القراء المتميزة عن عمل في الأصل هو عن رواية الروائي ابراهيم عبد المجيد ( لا احد ينام بالاسكندرية ) ولكن باسباقية استخدام الاسم في معرض سابق ولان ماهر جرجس خلوق ويشعر بالعرفان لكل من يقول له كلمة حق ، او يؤثر في مشروعة الفني كان ابراهيم عبد المجيد معه هنا وهو مبتهجا على عتبات البهجة .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق