حوار بخط افقي .. مع التشكيلية نجلاء السليم .
حاورها : راضي جودة
الأكنة معرض يخص بالدرجة الأولى موضوع المرأة المكنونة .
فعلا شجار وليس اشجار هو عنوان معرضي الشخصي الثاني .
هذا قدري ان يعيش أبي داخل أفكاري .
بتشجيع الفنان سعد العبيد بدأت وبقوة أن أعيد اسم الوالد رحمه الله باتباع اسلوبه (الآفاقية)
في معرضها الشخصي الثالث تحت عنوان ( روح المدينة ) وصلتني دعوة من الفنانة نجلاء ، وكنت شديد الحرص للحضور ، حينما تصعد
درجات السلم للطابق العلوي من صالة جاليري نايلا الكائن بشارع التخصصي بالرياض .. تستقبلك لوحة تتشبع بنسيج لوني يجمع بين الاخضر والأوكر وقليل من الأزرق الداكن حيث تتأمل من خلالها الأشجار والوديان التي تحتضن المدينة الوادعة والتي تتماهى مع سكونها وسلام حاضرها دون ضجيج ، اللوحة تجسد تللك اللحظات التي تسجل رؤيتك لمكان عزيز بعد مرحلة صعودك مكان مرتفع .. العجيب ان اسم اللوحة داخل الكتالوج المصاحب للمعرض هو ( تسامح ) ذلك هو الانطباع الأول عند زيارتي لمعرض ( روح المدينة ) للفنانة التشكيلية نجلاء السليم ، تلك الفنانة التي فتحت نافذة تطل من خلالها على المدينة أو المدن التي تبدو رغم علاتها وضجيجها وسقوط البعض منها لكنها أي المدن لن تموت ، قد تشيخ ، قد تتهدم ، قد تتجدد ولكن ابدا لا تموت المدن .. المدن باقية ما بقيت الحياة ، وببقاء محبي الحياة ، مبان تتهدم وآخرى تبنى وترتفع .
كان وصولي المبكر للمكان دافعا لفتح حوار فني حول أعمالها تأجل كثيرا بيني وبين الفنانة نجلاء وذلك لاننا نلتقي في المعارض والفعاليات الثقافية ولكن مع ضيق الوقت نكتفي ببعض التحايا والترحيب المعتاد في مثل تلك المواقف ، وعزمت اليوم ان يكون حديث يوثق لتجربتها رغم اللحظات المربكة التي تحدث في بداية الافتتاح الأول للمعرض ، ثم كان هذا الحوار :
* تميزت لوحاتك في كثير من مشاركاتك الداخلية والخارجية بموضوعات واساليب تتلامس مع طريقة الآفاقية التي ابتدعها والدك الفنان الرائد محمد موسى السليم (يرحمه الله) ، هل كانت لك محاولة أو أكثر للخروج والاستقلال باسلوب خاص بك ؟
ـ بعد أن تعددت المشاركات الداخلية والخارجية ، وبوجود صور لاعمالي بالكتالوجات والكتب المصاحبة للمعارض ، وهناك احد اللوحات شاهدها السيد / روبن ستارت والذي تصادف وجوده بمدينة جدة للبحث عن أعمال فنية للإقتناء سأل احد الزملاء من فناني جدة إن كانت اللوحة حقيقية وتخص الفنان محمد السليم (يرحمه الله) أم انها لوحة مقلدة عن أعماله . ولكن الفنان وضح له الأمر بان اللوحة هي لابنة الفنان الراحل واسمها نجلاء وتقيم بالرياض ، فحضر الرجل للرياض باقرب طائرة والتقى بي وتحدث معي وشاهد أعمالي .. ومن تلك اللحظة حاولت ان اتخذ منحى جديد .. دعنا نقول الانتقال بالآفاقية إلى الشكل الرأسي أو العمودي ، وجاءت معظم لوحات معرضي الأول والذي كان تحت عنوان ( الأكنة ) واقيم في دبي جاءت اللوحات بتلك الصورة الرأسية والمعرض يخص بالدرجة الأولى موضوع المرأة المكنونة التي تنكفىء على بيتها واولادها ومع ذلك ينالها الكثير من الضيم بسبب تغيرات في المناخ البيئي والمناخ الإقتصادي ناهيك عن ضغوطات وارهاق متابعة مستقبل الأبناء .
* عفوا من الملاحظ انك كثيرة السفر والترحال هنا وهناك خاصة بعد رغبتك في التقاعد المبكر .. هل يعني ذلك أنك تتفرغين للفن الآن ؟ وإلى أي مدى يتاح للأم والزوجة هذا المناخ الإبداعي التي تؤتى ثماره في صالات العرض ؟.
ـ من أحد مميزات التقاعد أنني حرة من أي إلتزام مهني رسمي، في عملي السابق كنت مشرفة تربية فنية في تعليم منطقة الرياض في الحرس الوطني.. ، وبعد التقاعد أصبح لدى وقت وفير فتفرغت للفن تماما ، ومن متطلبات الفن أن تبحث عن كل جديد خارج الحدود القريبة فلابد من السفر والتنقل من مكان لآخر حيث المعارض والمتاحف والفعاليات الفنينة المختلفة من مسرحيات وسينما وحفلات الاوبرا الموسيقية ، وكلها فنون تغذي روحك وتثريها إبداعيا.. أما بالنسبة كوني زوجة وأم لأربع أولاد ولله الحمد أعمارهم فوق ال16 سنة لم يعودوا صغارا بحاجة أن التصق بهم ليل نهار.. وزوجي رجل متفهم جدا وداعم لمشواري الفني بقوة. وهذا من حسن حظي والحمد لله.
* ما مدى تقبل الدارسين والمهتمين والنقاد بتوثيق وترسيخ الآفاقية التي تحملين رسالتها في المحاضرات والملتقيات والمعارض بالشرح الجاد ؟
ـ بعد أن عدت للمشاركات الفنية وكان ذلك من خلال دعوة مجموعة ألوان والتي كان يرأسها الفنان عبد الجبار اليحيا رحمه الله في دورتهم الثالثة أعتقد عام 2005م ويتشجيع الفنان سعد العبيد بدأت وبقوة أن أعيد اسم الوالد رحمه الله باتباع اسلوبه (الآفاقية) وكنت وقتها أرسم الآفاقية تماما كما تعلمتها من والدي ـ رحمة الله عليه ـ . إلا أنني أنتقدت من قبل كثير من الفنانين والنقاد وأعتبروا تأثري بوالدي نقطة سلبية كفنانة. لكنني استمريت في نفس الأسلوب إيمانا مني أن تأثري بوالدي أمر طبيعي جدا وأن عملية الخروج من أسلوب الآفاقية يأتي مع الوقت والممارسة.. كثيرون من اعتبروا الآفاقية أسلوب خاص وليست مدرسة قابلة للبحث والممارسة والتطوير. قدمت كثير من المحاضرات والندوات حول موضوع الآفاقية وقصتها مع والدي ومعي وها أنا بشهادة الجميع أقدم معرضي الثالث ( روح المدينة ) بأسلوب ممتد من الآفاقية وتفاجأ الكثيرين من هذه النقلة الجديدة وما زال لدي الكثير القادم مستقبلا وممتدا من الآفاقية.
* بماذا تصفين الحراك التشكيلي التي تشهده مدينة الرياض لهذا العام رغم الزحام واعمال الطريق في مدينة لا تنام ؟ .
ـ الرياض قادمة بحلة جديدة تبشر بالخير في كل المجالات الاقتصادية والمعمارية والسياحية والصناعية والثثقافية وكذلك الفنية حيث المتاحف والصالات الفنية والاكاديميات الفنية والمسارح والموسيقى... الخ
أرى مستقبلا مشرقا كما كان والدي يحلم بالأجمل.
* لقد اختلط عندي المعنى وراء عنوان معرضك الثاني (شجار) والذي اقيم بالرياض بالدرعية ، واعذريني لقد تصورت ان الألف قد سقط سهوا عن كلمة (أشجار) خاصة وان معظم اللوحات تميزت بالافرع الناتجة من الجذع أو الملتفة حولة ؟ اطمع في تفسير ذلك ؟.
ـ أسقطت أنا متعمدة الألف في كلمة أشجار لأن معنى المعرض لا يحكي عن الشجرة بصفتها الشجرة وأنما قصدت تشابك أغصانها وشجارها في تشلبك أغصانها والذي يعكس الوضع السياسي الحالي في الوطن العربي
* لعل ذلك يعكس فعلا ما هو كائن من تباين في وجهات النظر الذي تحول لتباين رؤوي متعدد الزوايا ؟
ـ معك حق وتحدث في ذلك العديد من الاصدقاء ولكني فعلا كنت احسب حساب ما يدور في المجتمع من وجهات نظر لأمور كثيرة تميل في معظمها للشجار وليس لقبول الرأي والرأي الآخر ، أو حتى تجنب الحوارات وهو أمر غير مرغوب به في ظل مجال التحاور من أجل الأصلح ورغم أن تعدد الرؤى شيء فعلا نحتاجه ولكن خرج المعرض بمجموعة من التأويلات ربما لم تلامس ما اشعر به كانسان ضمن نسيج المجتمع وأحاول وضع كلمتي وهذا حقي وإبداء رأيي باللون والشكل إذا احتدم الشجار في الحوار المباشر بين الناس ، ولم يعد للعقل صوت غير الفن .
* كلميني عن روح المدينة ، ولماذا اتت كل لوحة في حالة استقلال لوني تقريبا .. من لون واحد وتفريعاته ؟.
ـ روح المدينة هو معرضي الشخصي الثالث ، وروح المدينة ليس مجرد اسم أو عنوان لمعرض فقط ، وانما احساس ينتابني وأنا اشاهد بعض المدن الكبيرة تسقط وتنهار امجادها ، ومدن تسابق الزمن للصعود والتطور .. كأن للمدن قدر ، وعمر ، وروح .. صحيح أن المدن مهما حدث هي لا تموت ، ولكني ابحث داخلها وخارجهاعن الذين تألموا وهاجروا والذين تحملوا الأوجاع ، لا انظر للأطلال فقط ، وانما لروح المدينة ، وهم سكانها بملامحهم وشكل بيوتهم والوان ملابسهم وروائح شوارعها .
نعم لقد لاحظت ان معظم زوار ومشاهدي المعرض كان يعقب بأنه المعرض اللصيق جدا بالتجربة الآفاقية التي ابتدعها الوالد ـ يرحمه الله ـ ولي الفخر والاعتزاز أن تطوق تجربته اعمالي وتتقارب في اشكالها من الاسلوب وان يشعر التشكيلي والمتابع والمهتم ان محمد السليم موجود بيننا، وهذا قدري ان يعيش أبي داخل أفكاري ، ولكن الجميل أن اللوحات لا تتبنى نظرية الاستنساخ والتقليد كما يحلو للبعض أن يشير بأصابع الاتهام التي أظن أنها توجه للغير وليس لي .
|
الجمعة، 22 ديسمبر 2017
تحاورت مع التشكيلية السعودية نجلاء السليم
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق