الجمعة، 22 ديسمبر 2017

تحاورت مع التشكيلية السعودية نجلاء السليم






حوار بخط افقي .. مع التشكيلية نجلاء السليم .
حاورها : راضي جودة


الأكنة معرض يخص بالدرجة الأولى موضوع المرأة المكنونة .
فعلا شجار وليس اشجار هو عنوان معرضي الشخصي الثاني .
هذا قدري ان يعيش أبي داخل أفكاري .
بتشجيع الفنان سعد العبيد بدأت وبقوة أن أعيد اسم الوالد رحمه الله باتباع اسلوبه (الآفاقية


في معرضها الشخصي الثالث تحت عنوان ( روح المدينة ) وصلتني دعوة من الفنانة نجلاء ، وكنت شديد الحرص للحضور ،  حينما تصعد
 درجات السلم للطابق العلوي من صالة جاليري نايلا الكائن بشارع التخصصي بالرياض .. تستقبلك لوحة تتشبع بنسيج لوني يجمع بين الاخضر والأوكر وقليل من الأزرق الداكن حيث تتأمل من خلالها الأشجار والوديان التي تحتضن المدينة الوادعة والتي تتماهى مع سكونها وسلام حاضرها دون ضجيج ، اللوحة تجسد تللك اللحظات التي تسجل رؤيتك لمكان عزيز بعد مرحلة صعودك مكان مرتفع .. العجيب ان اسم اللوحة داخل الكتالوج المصاحب للمعرض هو ( تسامح ) ذلك هو الانطباع الأول عند زيارتي لمعرض ( روح المدينة ) للفنانة التشكيلية نجلاء السليم ، تلك الفنانة التي فتحت نافذة تطل من خلالها على المدينة أو المدن التي تبدو رغم علاتها وضجيجها وسقوط البعض منها لكنها أي المدن لن تموت ، قد تشيخ ، قد تتهدم ، قد تتجدد ولكن ابدا لا تموت المدن .. المدن باقية ما بقيت الحياة ، وببقاء محبي الحياة ، مبان تتهدم وآخرى تبنى وترتفع .
 كان وصولي المبكر للمكان دافعا لفتح حوار فني حول أعمالها تأجل كثيرا بيني وبين الفنانة نجلاء وذلك لاننا نلتقي في المعارض والفعاليات الثقافية ولكن مع ضيق الوقت نكتفي ببعض التحايا والترحيب المعتاد في مثل تلك المواقف ، وعزمت اليوم ان يكون حديث يوثق لتجربتها رغم اللحظات المربكة التي تحدث في بداية الافتتاح الأول للمعرض ، ثم كان هذا الحوار :
* تميزت لوحاتك في كثير من مشاركاتك الداخلية والخارجية بموضوعات واساليب تتلامس مع طريقة الآفاقية التي ابتدعها والدك الفنان الرائد محمد موسى السليم (يرحمه الله) ،  هل كانت لك محاولة أو أكثر للخروج والاستقلال باسلوب خاص بك ؟

ـ بعد أن تعددت المشاركات الداخلية والخارجية ، وبوجود صور لاعمالي بالكتالوجات والكتب المصاحبة للمعارض ، وهناك احد اللوحات شاهدها السيد / روبن ستارت والذي تصادف وجوده بمدينة جدة للبحث عن أعمال فنية للإقتناء  سأل احد الزملاء من فناني جدة إن كانت اللوحة حقيقية وتخص الفنان محمد السليم (يرحمه الله) أم انها لوحة مقلدة  عن أعماله . ولكن الفنان وضح له الأمر بان اللوحة هي لابنة الفنان الراحل واسمها نجلاء وتقيم بالرياض ، فحضر الرجل للرياض باقرب طائرة والتقى بي وتحدث معي وشاهد أعمالي .. ومن تلك اللحظة حاولت ان اتخذ منحى جديد .. دعنا نقول الانتقال بالآفاقية إلى الشكل الرأسي أو العمودي ، وجاءت معظم لوحات معرضي الأول والذي كان تحت عنوان ( الأكنة ) واقيم في دبي جاءت اللوحات بتلك الصورة الرأسية والمعرض يخص بالدرجة الأولى موضوع المرأة المكنونة التي تنكفىء على بيتها واولادها ومع ذلك ينالها الكثير من الضيم بسبب تغيرات في المناخ البيئي والمناخ الإقتصادي ناهيك عن ضغوطات وارهاق متابعة مستقبل الأبناء .

* عفوا من الملاحظ انك كثيرة السفر والترحال هنا وهناك خاصة بعد رغبتك في التقاعد المبكر .. هل يعني ذلك أنك تتفرغين للفن الآن ؟ وإلى أي مدى يتاح للأم والزوجة هذا المناخ  الإبداعي التي تؤتى ثماره في صالات العرض ؟.

ـ  من أحد مميزات التقاعد أنني حرة من أي إلتزام مهني رسمي، في عملي السابق كنت مشرفة تربية فنية في تعليم منطقة الرياض في الحرس الوطني.. ، وبعد التقاعد أصبح لدى وقت وفير فتفرغت للفن تماما ، ومن متطلبات الفن أن تبحث عن كل جديد خارج الحدود القريبة فلابد من السفر والتنقل من مكان لآخر حيث المعارض والمتاحف والفعاليات الفنينة المختلفة من مسرحيات وسينما وحفلات الاوبرا الموسيقية ، وكلها فنون تغذي روحك وتثريها إبداعيا.. أما بالنسبة كوني زوجة وأم لأربع أولاد ولله الحمد أعمارهم فوق ال16 سنة لم يعودوا صغارا بحاجة أن التصق بهم ليل نهار.. وزوجي رجل متفهم جدا وداعم لمشواري الفني بقوة. وهذا من حسن حظي والحمد لله

* ما مدى تقبل الدارسين والمهتمين والنقاد بتوثيق وترسيخ الآفاقية التي تحملين رسالتها في المحاضرات والملتقيات والمعارض بالشرح الجاد ؟

ـ  بعد أن عدت للمشاركات الفنية وكان ذلك من خلال دعوة مجموعة ألوان والتي كان يرأسها الفنان عبد الجبار اليحيا رحمه الله في دورتهم الثالثة أعتقد عام 2005م ويتشجيع الفنان سعد العبيد بدأت وبقوة أن أعيد اسم الوالد رحمه الله باتباع اسلوبه (الآفاقية) وكنت وقتها أرسم الآفاقية تماما كما تعلمتها من والدي ـ رحمة الله عليه ـ . إلا أنني أنتقدت من قبل كثير من الفنانين والنقاد وأعتبروا تأثري بوالدي نقطة سلبية كفنانة. لكنني استمريت في نفس الأسلوب إيمانا مني أن تأثري بوالدي أمر طبيعي جدا وأن عملية الخروج من أسلوب الآفاقية يأتي مع الوقت والممارسة.. كثيرون من اعتبروا الآفاقية أسلوب خاص وليست مدرسة قابلة للبحث والممارسة والتطوير. قدمت كثير من المحاضرات والندوات حول موضوع الآفاقية وقصتها مع والدي ومعي وها أنا بشهادة الجميع أقدم معرضي الثالث ( روح المدينة ) بأسلوب ممتد من الآفاقية وتفاجأ الكثيرين من هذه النقلة الجديدة وما زال لدي الكثير القادم مستقبلا وممتدا من الآفاقية.

* بماذا تصفين الحراك التشكيلي التي تشهده مدينة الرياض لهذا العام رغم الزحام واعمال الطريق في مدينة لا تنام ؟ .

ـ الرياض قادمة بحلة جديدة تبشر بالخير في كل المجالات الاقتصادية والمعمارية والسياحية والصناعية والثثقافية وكذلك الفنية حيث المتاحف والصالات الفنية والاكاديميات الفنية والمسارح والموسيقى... الخ
أرى مستقبلا مشرقا كما كان والدي يحلم بالأجمل.

* لقد اختلط عندي المعنى وراء عنوان معرضك الثاني (شجار) والذي اقيم بالرياض بالدرعية ، واعذريني لقد تصورت ان الألف قد سقط سهوا عن كلمة (أشجار) خاصة وان معظم  اللوحات تميزت بالافرع الناتجة من الجذع أو الملتفة حولة ؟ اطمع في تفسير ذلك ؟

ـ أسقطت أنا متعمدة الألف في كلمة أشجار لأن معنى المعرض لا يحكي عن الشجرة بصفتها الشجرة وأنما قصدت تشابك أغصانها وشجارها في تشلبك أغصانها والذي يعكس الوضع السياسي الحالي في الوطن العربي

* لعل ذلك يعكس فعلا ما هو كائن من تباين في وجهات النظر الذي تحول لتباين رؤوي متعدد الزوايا ؟

ـ معك حق وتحدث في ذلك العديد من الاصدقاء ولكني فعلا كنت احسب حساب ما يدور في المجتمع من وجهات نظر لأمور كثيرة تميل في معظمها للشجار وليس لقبول الرأي والرأي الآخر ، أو حتى تجنب الحوارات وهو أمر غير مرغوب به في ظل مجال التحاور من أجل الأصلح ورغم أن تعدد الرؤى شيء فعلا نحتاجه ولكن خرج المعرض بمجموعة من التأويلات ربما لم تلامس ما اشعر به كانسان ضمن نسيج المجتمع وأحاول وضع كلمتي وهذا حقي وإبداء رأيي باللون والشكل إذا احتدم الشجار في الحوار المباشر بين الناس ، ولم يعد للعقل صوت غير الفن .

* كلميني عن روح المدينة ، ولماذا اتت كل لوحة في حالة استقلال لوني تقريبا .. من لون واحد وتفريعاته ؟.

ـ روح المدينة هو معرضي الشخصي الثالث ، وروح المدينة ليس مجرد اسم أو عنوان لمعرض فقط ، وانما احساس ينتابني وأنا اشاهد بعض المدن الكبيرة تسقط وتنهار امجادها ، ومدن تسابق الزمن للصعود والتطور .. كأن للمدن قدر ، وعمر ، وروح .. صحيح أن المدن مهما حدث هي لا تموت ، ولكني ابحث داخلها وخارجهاعن الذين تألموا وهاجروا والذين تحملوا الأوجاع ، لا انظر للأطلال فقط ، وانما لروح المدينة ، وهم سكانها بملامحهم وشكل بيوتهم والوان ملابسهم وروائح شوارعها .
نعم لقد لاحظت ان معظم زوار ومشاهدي المعرض كان يعقب بأنه المعرض اللصيق جدا بالتجربة الآفاقية التي ابتدعها الوالد ـ يرحمه الله ـ ولي الفخر والاعتزاز أن تطوق تجربته اعمالي وتتقارب في اشكالها من الاسلوب وان يشعر التشكيلي والمتابع والمهتم ان محمد السليم موجود بيننا، وهذا قدري ان يعيش أبي داخل أفكاري ، ولكن الجميل أن اللوحات لا تتبنى نظرية الاستنساخ والتقليد كما يحلو للبعض أن يشير بأصابع الاتهام التي أظن أنها توجه للغير وليس لي .




مدينة الموت الجميل


مدينة الموت الجميل
لوحات ملونة بصياغة سردية

 راضي جودة

« من يجعل ، وهو يرحل ، أو يموت ، أهله يذكرونه ويستمرون على الإحساس بأنه يعيش معهم ، لا يكون قد رحل نهائيا ، لا يكون مات تماما »
                                              استورياس *
ذلك كان مدخل المجموعة القصصية التي ضمها كتاب ـ مدينة الموت الجميل ـ للأديب سعيد الكفراوي *
صورة من صور الحياة والموت والماضي والحاضر في المجموعة التي مضى على نشرها اكثر من ثلاثة عقود ومازالت تتمتع بطزاجة ودقة الوصف في لوحات حياتية يومية ملونة ، وأخرى متخيلة اسطورية غائصة في الرمز ، للدرجة التي تصورت للحظات انني لا اعيش مع الأديب القاص سعيد الكفراوي بل الفنان التشكيلي الكفراوي في معرض مكتظ باللوحات والمجسمات والألوان البديعة التي حملتها الحروف من سرد وصفي عجيب .
في قصة (لابورصا نوفا) ومن الأحرف الأولى وانت تسير في طرقات تعج بالصور والأشخاص يرسمها باحترافية منذ اللحظة التي اصطحب فيها والد الطفل .. الشاب .. الرجل ، الذي عمده ابوه ثلاث في بحر النيل ليذهب به إلى المولد ويرسم على صدره وذراعه وشما للسيف وللأسد ويوثق اسمه ومكان ولادته وسكنه باللون الأخضر ، أنت تعيش مع كل كلمة وكل حرف في صورة من الصور ووصف لمشهد .. الطريق .. السينما .. البنت التي ربما احبها قبل ان يأتي للحياة ثم يقلب صفحات كتب التاريخ ينزع صورها ليفردها أمامك شارحا لك أدق التفاصيل التي اعتنى الرسام والمصور ان تكون خافية داخل المشهد حتى يأتي اليوم الذي تفضح خفاياها عين مبصرة ذات دربة عالية في كشف ماوراء الستائر المسدلة على فعل فاحش فاضح أو عين زاغت عن استكمال رسم الأعين المعصوبة ، الأعين التي تتنكر للأسماء وللأشخاص وللصور . 
أما خلال (الجمعة اليتيمة) فإن الصهيل أيقظه ليشهد ما يدور هناك خلال الأقبية الأيوبية والأصوات ..  واندفاع الريح يعبث بالمكان ويخطط ملامح التاريخ .. تماما كما أيقظتني كلمات السرد كي ارسم صورا ولوحات خارج تلك الكتابة لأشاهده وهو يحاول ان يمد قدميه خلال النافذة الحديدية ويمد إرادته خارج فتحة الباب حيث المصباح الأعور ، وهو يتذكر ذلك الحامل الحديدي النافذ في الجدار الخلفي ويبدو له كمشنقة .. فيما تخمش اسفل قدميه مخالب قط مذعور وجائع يرى جسدا يتدلى من الحبل قد يصبح وليمة جيدة ، والمصباح الأعور يتنفس ظلالا شاحبة ميتة ، وصوتا داخله يسأل : لماذا هي جمعة يتيمة ياجدتي ؟ ولماذا لم تعثري على قبر جدي ، ولماذا الرجال الذين يذهبون لا يعودون ؟.
هو الــــ (قمر معلق فوق الماء) عندما انتهى عبد المولى طفل التسع سنوات من ري النخيل بعدما اتسخت قدماه بالطين والتراب وابتلت معها ثيابه ، راح يهرول ملبيا نداء امه التي اخبرته أن عمه جاء ليأخذه معه إلى بيته ، ولم تنس ان توصيه بالطاعة لهذا العم الذي يمنحهم ظله وبعض القروش ، في عجالة جمع اغراضه في صرة القماش وكان عليه ان يبتعد حتى لا يصله بكاء امه التي تودعه وعند حافة الماء اجتاز إلى الحافة الأخرى .. لم يكن الانتقال والعبور من حافة لحافة لنفس النهر وانما عبور من القرية الوادعة إلى المدينة الهادرة بصخب الناس ولعب الأولاد بطائرات الورق في يوم الإجازة ، المدينة التي كان يتعرف عليها من خلال نبيلة وهو يسير إلى جوارها وكفه بكفها ، ومشاعره الجياشة تدق بقلبه الصغير، تعلم على يديها الحب والغيرة وعندما شاهد ظل الانسحاب للحبيب الأول ، القم نوافذها حجر تلو الحجر وتناثر الزجاج على اجتماع الناس وقرار عمه أن يعود من حيث أتى ويودع الشارع ، ونافورة المياة ، ومسجد المتولي ، وكنيسة (الآباء القديسين) وشعر بان هذا محزن جدا فشرع بالبكاء ، في الليل وهو يعبر النهر للحافة الأخرى وجد نفسه معلقا فوق الماء ، كان هو القمر .
عبد المولى لم ينسحب تماما من قصص الكفراوي بعدما حصل ما حصل من تحطيم زجاج واجهة باب شقة نبيلة بل يتواصل مع رسم الطريق إلى ـ الكُتَاب ـ الذي تأخر عن الذهاب إليه وهو الذي اعتاد يصاحب انيسة في نفس الطريق لانها لا تتعرف على الأشياء إلا بقلبها وإحساسها ، وكانت تسأله إن كان اتم حفظ (الأعراف) كان ينفلت من السؤال بكلام عن الشمس الساطعة والوان الأشياء من حوله ، ولكنها ترده لنفس السؤال اتل يا عبد المولى سورة الأعراف .. لم تحفظ ، لقد تأخر عن الكتاب وعن انيسة التي اصطحبها الواد احمد ، مجموعة الاحباطات والارتباكات يصفها القاص باقتدار ، يرسم لوحة لعبد المولى وحيدا في الليل وانيسة تتحسس خطوات متعثرة تتلمس حائط الزقاق المسدود بالعفاريت ، تنتظم الضربات الآتية من اليد الغليظة لسيدنا فوق المقيد بالفلكة لانه لم يحفظ سورة (الأعراف) .. ، وهو يئن ولا يقوى على الصراخ وتلاميذ الكتاب ينهنهون وتتساقط دموعهم فوق صفحات المصاحف الصفراء .
في قصة (صندوق الدنيا) الطفل علي الذي ينتظر وصول عم أيوب وصندوقه الخشبي الساحر حاوي الحكايات الذي سوف يأتي بالصبايا والأميرات وسيدنا الخضر والرجل الخفي ، (علي) الذي ينتظر العم أيوب عند الجسر الصغير الذي تمر من تحته المياة ينتظر أن يرى الراية التي تعلو الصندوق الذي يحمله الرجل ، ينتظر حتى عتمة الليل ، لا تفارق مخيلته صور الصندوق وحكاياته التي تتجسد امامه وهو ينتظر حتى يأتيه صوته من بعيد صوت أيوب أو الرجل المجهول عد لبيتكم يا علي الليل اوشك على الهبوط .
(الجواد للصبي .. الجواد للموت) صورتين هامتين في حياة كل المخلوقات ، لحظة الميلاد ولحظة الوفاة ، والولد الصبي الصغير الذي لاحظ انين الشهباء وهي في المخاض وقد برز ظلفان اخذ يصرخ طلبا للمساعدة ، وامسك بالظلفان واستمر في المساعدة حتى ظهر المهر المولود الذي اصبح ملكا له وسماه عنتر ويختلط الولد مع المهر الوليد ويرضع كل منهما من لبن المهرة الشهباء ، ويغدو المهر بعد زمن مركز الحياة في القرية يمتطيه الولد بعد ان ينام الناس وتدق حوافره الأرض ويشارك به افراح والعاب الصبية مما جعل اهل الحسد يحقدون عليه منهم الشيخ راغب الصفطاوي فاتح المندل وقارىء الكف الذي راح يصيح بين الناس : أقطع ذراعي ان لم يكن المهر والولد من نسل الشياطين ، والعجوز التي تكنس العتب وتتلو الطلاسم وتدفن الأعمال في فتحات المقابر تدعو ان يدهس الولد حوافر فرسه ، وان يدفن الفرس من بعد جيفة .
عنوان الكتاب قصة (مدينة الموت الجميل) من أجل لوحة دخل إلى الملحق الذي يختبىء خلف بابه زمن محبوس بكل تفاصيله القديمة ولكن اللوحة ـ البنت .. والسفينة .. والنورس ـ مد يده وانزل اللوحة ، وبعدما خرج للحديقة التقى بالسيدة المتشحة بالسواد والتي كانت تتأكد من أنه نفس العنوان ( مدينة الموت الجميل .. شارع البحر .. فيلا النورس ) نفس العنوان ونفس السحب والوجه الشاحب ، اغلق البوابة وعاد لمكتبه حدق في اللوحة سمة بعض الكلمات اسفل اللوحة للمعنى الوحيد المستحيل .. مدينة الموت الجميل .. ارتج جرى ناحية النافذة يبحث عن المرأة ، لكنه لم يجد سوى البحر .
(خط الاستواء) بينما كانت الجرافات الثلجية ترفع الجثث الممتدة على طول الطريق وتثير الفزع ، كان هو يركز النظر بإتجاه الزجاج الملون بالساحة المقابلة وظل الجدار المائل ليظهر المكتب المضاء نهارا ، وقبة المسجد القديم ، ورجل بدون ملابسه الرسمية وصلعته تلمع تحت الشمس ، هناك رجال يجلسون بنفس المكان يجمعون ذكرياتهم ويوزعونها بينهم .
ثنائية أخرى مع قصة (الصبي فوق الجسر) حيث يتجسد الماضي والحاضر في شكل طائر ، وهو يقف عند رأس الجسر حيث سبيل الماء المملوكي بالوانه التي مازالت زاهية وحوله كتابات متهالكة وغير مفهومة ، مياهه باردة تروي عطش أهل الطريق .. بجوار كشك عسكري الدورية والذي لا يأتي إلا مع الليل ، صف كافور وصف توت وظلال ، هو وحده فوق الجسر تتعلق عيناه بفضاء الله الواسع ، وتدور رأسه في الظهر الأحمر ، كانت عيناه في أعالي الشجر وفوق أبراج الحمام وأحواض الزراعة .. كان الطائر يحلق في السماء مبتعدا وكان يحدق فيما يرى ولا يفهم شيئا .
(حضر الموت) تلعب الطقوس هنا دورا حيويا للمشهد بين الموت من الحياة والموت من انتظار حبيب غائب ، ورغم الإشارة في بداية القصة .. « لا تفتح الباب للريح .. دعها لا تأتي » لكن الريح آتية بعد ان قالت البنت لأمها : خذيني إلى النهر ، قرأ عم عمران صفحات الكتاب ( حضر موت ) الوطن .. عدن الجنة .. عيناها مفتوحة ترى ولا ترى ، وعند التخوم البعيدة .. يجثم القصر السيدة والعبد والسلطان .. الست ـ زينب الطاهرة ـ تطرق الباب بلا إذن .. وجهها أبيض .. ثوبها أبيض على كفها دستة شموع ملونة تضوي الوانها مع الظلمة الزاحفة ، الأم ترقب العينين اللتين يزحف على سوادهما البياض .. صرخت الأم بينما يد البنت قد استراحت بجانبها ، في اللحظة ذاتها علا صوت العم عمران من فوق مئذنة الجامع يدعوا الخلائق للصلاة .
(العشاء الأخير) لم يحضر هنا دافنشي بل يحضر الماضي في حاضر يعيشه الولد الذي أصبح شابا ، ورغم أنه يعيش في الحاضر إلا أن الماضي لا يفارقه ، كل هذا الزمان قد انقضى وكأنه كبر الف عام ، يرى أذرعا من زمن مضى ووجوها امتلأت بالأسى والحنين .. خاف وحده وكأنما العتمة أبدية تسيطر ولا يهددها ضوء النار ، وهو يخطوا نازلا منحدرات غير مواتية للحلم .. هل يعود ما مضى .. يسير رفقاء الطريق حيث رائحة زهرات البرتقال ، في ظل الشجر والحيوان تفتح المناديل المربعة على خبزات ناشفة تنكسر مع أصوات الرجال ، (سلامة) !!  ـ أنا سعيد يا عم ، سعيد ابن سلامة .. أخيرا عدت .
وهكذا مررنا بمعرض تشكيلي متكامل الصور والشخوص والرموز .. متعدد الزوايا وما بين سطوع الشمس المبهر إلى الليل واسراره ، وكذلك الطفل الذي يكبر والقرية والجسر والأشجار والطائر وانيسة والشيخ وجمهور الرجال وصور صندوق الدنيا ، والفرس الشهباء ووليدها عنتر الذي شغل الناس واشغلهم ، لقد أجاد القاص في تكوين صور ولوحات غاية في الجمال لعلها تكون مشروع عمل فني تشكيلي لأحد الزملاء ، ودعوة أن نحاول اكتشاف القصص والروايات من منظور الحوار البصري .
…………………………………………………………………………………………………………………….
* ( ميغل أنخل استورياس اديب وشاعر وصحفي ودبلوماسي غواتيمالي ، حاصل على جائزة نوبل في الأدب عام ١٩٦٧م ).
* سعيد الكفراوي قاص مصري ينتمي لجيل الستينات تقتصر اعماله الأدبية على القصص القصيرة من مواليد ١٩٣٩م بقرية كفر حجازي بمحافظة الغربية ، من اعماله ( مدينة الموت الجميل ١٩٨٥م ، ستر العورة ١٩٨٩م ، سدرة المنتهى ١٩٩٠م ، مجرى العيون ١٩٩٤م ، دوائر من حنين ١٩٩٧م ، كشك الموسيقى ، يا قلب من يشتريك ، البغدادية .. ثم زبيدة والوحش ٢٠١٥م  ـ مختارات قصصية صدرت عن الدار المصرية اللبنانية ، وتضم ستة من مجموعاته القصصية ـ ) .

* غلاف الكتاب والرسومات الداخلية للفنان سعد عبد الوهاب .



الخميس، 21 ديسمبر 2017

مجلة الفنون الشعبية

في افتتاحية الدكتور محمد عبد القادر حاتم وهو يدشن العدد الأول من مجلة (الفنون الشعبية) تقرأ لغة قد لا يعلم بها أبناء هذا الجيل ، ومن ضمن النص تجده يقول :(مرفق الثقافة) وليست هيئة الثقافة أو مؤسسة الثقافة وربما وزارتها ، فتعرف من سياق النص الحقبة الشيوعية بكل تفاصيل الخطاب الثقافي والإعلامي التي تنظر للهيئات والمنظمات بأنها مرافق حيوية هي ملك للشعب ومشاعة لكل الناس على السواء ، ثم يبرزون الدور الحيوي للفنون الشعبية التي هي عصب حياة المجموع ، وتناول أيضا التقديم لهذه المطبوعة الفريدة بالقول : « أنه يقدم مجلة الفنون الشعبية للعرب في كل مكان مدللا على أنها استجابة وانعكاس لنبض المجتمع العربي الإشتراكي ».
ويسير معه بنفس النهج وبالسياق ذاته الدكتور عبد الحميد يونس بقوله : ليست العناية بالمأثورات الشعبية العربية جديدة على الفكر العربي .. وهو بذلك يقدم خطاب جمعي على مستوى الوطن العربي .. وبسعر لا يتجاوز العشر قروش فيم يدلل على دعم الدولة لهذا ـ المرفق ـ الحيوي .
والمجلة وأعدادها الكثيرة تعتبر موسوعة ثقافية وفنية كبيرة ومرجع مهم لمن يهتم بدراسة الفنون عامة والفنون الشعبية بشكل خاص اتمنى ان تبحثوا عنها وتعيدوا لها روح البهجة والحضور من جديد



العدد الأول من مجلة الفنون الشعبية أول يناير ١٩٦٥م

الأحد، 17 ديسمبر 2017

سيرة مكان غير موجود ..

تم نشر المقال بالمجلة العربية بالعدد ٤٩٥

ليس للرحيل مواسم وجع




راضي جودة


الرحيل هو عنوان كبير للفقد حينما تتأجج المشاعر والذكريات وتحاول ان تمسك بلحظة تنفلت من العمر والمكان والإنسان ، لحظات وداع ، قد تتلون بالسفر أو الموت ، مشاعر يعيشها الإنسان وقد تتعاظم داخل نفسه في حالة من الهم والغم لا تختار لها وقتا .. وليست له مواسم .
والمهندسة سارة زهير .. فنانة مصرية شابة تشبثت بالكاميرا لتسطر بلقطاتها لحظات حياتية ، ومحطات مهمة تصادفها بشكل يومي وهي في طريقها للدراسة والعمل وقليلا من التنزه .
سارة زهير اقامت معرضها الفوتوغرافي الأول بتياتروا اسكندرية في سبتمبر الماضي .. لم تترك لنا مجالا للسؤال عن اختيار « الرحيل » عنوان أول معرض في بداية المسيرة الفنية حيث قدمت لنا قصاصة تشرح فكرتها عن الرحيل .

الرحيل
مراسل الرحيل .. أوقات ثقيلة تمر .. لحظات أو أعوام كاملة ترتبط بفراق شخص ما أو تودع مكان ما ..  تفاصيل تحمل في طياتها نوع من انواع القداسة لحظة الرحيل وكثير من الخوف والاشياق معا ، ورغبة كبيرة في الاحتفاظ بالقدر الأكبر من التفاصيل الصغيرة في الذاكرة .. ذاكرة قوية في البداية ثم تضعف مع مرور الوقت .
المكان .. الطابية .. معمار مميز يختفي من مدينتنا في زمن عشوائي مادي لا يهتم كثيرا بالقيم التاريخية للأماكن وجمالها ، هدم المكان كله بعد تهجير سكانه .. لم يبق من المكان الآن إلا سور عالي جديد يحجب البحر ، وبعض الصور والحكايات التي يرويها أهل الطابية ، رأيتهم وهم يبكون الطابية كأنها شخص عزيز يموت أمام أعينهم .
الموت .. وكأن الصمت المطبق وراءه أصوات تحكي قصص تقرأها على شواهد القبور ..  قصص تحكي عن سكانيهافي كل مكان اسماء لأشخاص رحلوا .. حروف من ذهب وورد وإهداءات وصناديق نذور ، ورسائل كثيرة للموتى هنا وهناك كأنهم أحياء يسافرون سفر طويل ولكنهم سيعودون يوما ما .
السفر .. طريق موحش .. مجبرا ان تسيره وحدك وان تفارق المكان الذي طالما اعتدته .. قد يكون السفر طويل أو قصير ، مؤقت أو دائم ولكنه يحرك بداخلك احساس بالشجن ، يظهر بوضوح في عيون المسافرين عبر النوافذ ، وفي محطات الإنتظار وصالات المودعين .
الوداع .. هل ودعت نفسك من قبل ، عندما لا تكون انت انت ، موجود ولكن روحك غائبة ، انت لا تعلم متى رحلت ومتى ستعود ، وقد لا يشعر بك أحد قط .. كأنك طيف .. يتساوى غيابك وحضورك .. لا يشعر بك أحد 

سارة زهير 
سبتمبر ٢٠١٧ م

زرت معرض رحيل الفوتوغرافي وادهشتني الموضوعات وغرابة المكان وطريقة العرض والتقيت سارة ورغم ازدحام المكان باصدقائها ومتابعي لقطاتها دار بيننا هذا الحوار الذي تقول فيه :
بداية محبتي للتصوير نابعة من والدتي عندما كنت صغيرة كنت اراها تحمل الكاميرا ، ومسؤولة العيلة للتصوير ... وكنت اذهب معاها نشتري الأفلام ونحمضها ونستلم الأفلام والصور... الكاميرا الخاصة بوالدتي لها وضع خاص غير مسموح بالاقتراب منها أو العبث بها أو لمسها ، فساعدتني بشراء كاميرا صغيرة خاصتي كنت اصور بها الأصدقاء في المدرسة ، ثم تطور الأمر واصبحت أملك كاميرا ديجيتال ... من أجل الرحلات... الحقيقة أنني لم أفكر في حياتي أن أصبح مصورة احترافية بمعنى اني اشترك في معارض ومسابقات .
بدأت التصوير الاحترافي في عام ٢٠١١مدرست وتدربت وصورت وكان رابع معرض اشترك فيه كان في ألمانيا وده اللي شجعني اني استمر لحد النهاردة... ممارسة هواية التصوير بشكل احترافي .
وتكمل : التصوير الفوتوغرافي مرتبط بالزمن... الصورة هي إيقاف اللحظة لنحتفظ بها للأبد... يعني مثلا الصور القديمة للاسكندرية تظهر لنا شكل الشوارع والميادين والمباني والناس.... وهذا شئ مهم جدا... والصورة بتختصر كتابات كتيرة ممكن تتكلم عن ذلك الزمن .
وسألتها إن كانت تخشى المنافسة ؟ 
أجابت : انا عموما أخشى المنافسة... وسقف طموحي هو عمل معارض فردية على مستوى العالم... والعمل على مشروع توثيقي بالصور أو الفيديو أن امكن.
قصة مع المعرض  بدأت من الطابية... انا اقيم في بحري شمال غرب الشاطيء السكندري في نفس المنطقة الموازيةكنت اسمع عن منطقة الطابية منذ زمن من صديقتي التي كانت احد سكان المنطقةكان أتوبيس المدرسة ينزلها في مكان قريب من القلعة... واصبح عندي لبس ان الطابية هي القلعة وأغبطها على حظها وكيف تعيش داخل قلعة محصنة مثل التي نراها هنا .
كانت الطابية اكتشاف بالنسبة ومكان يسعدني زيارته مصطحبة للكاميرا حتى ولو لم التقط صورة واحدة ، لكن الزيارة نفسها والمكان يسعدني وأنا أجلس أمام البحركنت اتحرك في المكان واسمع من سكانها أنهم مهددون بالرحيل من المكانوقد يغادروا بيوتهم في أي لحظة... لأجل إزالة الطابية.... وعند زياراتي المتتالية أجد أن عدد الناس أقل من السابق لكن المباني والبحر موجودين... بقيت على تلك الحالة فترة من الزمن وليس عندي صور مهمة للطابية حتى قررت في أحد أيام شهرأبريل عام ٢٠١٦ القيام بعدد من الصور لتوثيق الطابية...  ... أول دخول لي بصحبة الكاميرا تجمع هذا العدد القليل من الناس حولي ... على اساس اني صحفية واساعدهم... انهم كانوا ١١٤ أسرة اقنعوا ١٠٠ أسرة بالرحيل ولم يبق غير ١٤ أسرة هم من يقاوم فكرة النزوح .. واستمروا بصحبتي يسردون الحكايات عن المكان ، وأن الفنان فريد شوقي جاء إلى هنا لتصوير فيلم ـ رصيف نمرة ٥ ـ وانهم كلهم معروفين بعضهم للبعض وأحيانا يقيموا سهرات جماعية ليستمعوا للست أم كلثوم ... انا الحقيقة تكونت لدى ذكريات كتيرة ومؤثرة عن المكان وحاولت اصور صور عامة للمكان بقدر المستطاعو٩٠٪ من صور المعرض تم تصويرها في ذات اليوم ... وكنت أبكي مع كل صورة أقوم بتصويرها من شدة إحساسي بأني لن أرى هذا المكان من جديد
وظللت التقط الصور هنا وهناك حتى نالني التعب كما أن الشمس قد غربت وليس بالمكان إضاءة كافية ... وتقدم مني شاب اتعرفت عليه قال لي "لا يوجد لدينا كهرباء ولا ماء منذ اكتر من ٣ ايام ... تعالي غدا لأننا خلاص سوف نغادروعندما تأتين في الغد سوف أصعد معك لمكان مرتفع تشاهدي منه المكان في مجمله .
الحقيقة اني كنت مرهقة جدا نفسيا وجسديا ولم استطيع الذهاب إلي المكان في اليوم التالي وسافرت يوم الجمعة... في يوم الأحد وجدت على الفيسبوك خبر..." الحقونا الطابية بتتهد دلوقتي" وشاهدتمن خلال الصور البلدوزر والمعدات تعمل للهدم ... أنا رجعت من السفر يوم الاتنين من المحطة إلى الطابية مباشرةوهذا كان أبشع مشهد وقد تحول المكان لأكوام من الحجارة كاننا في حرب... انا كنت واقفه قدامها مش قادرة اتحرك وكل اللي كنت بفكر فيه الندم على كل الصورالتي لم اسعى لتصويرهاوتذكرت كل الكلام والناس وذكرياتهم اللي ضاعت وسط الركام 
بعد عدة أشهر حاولت اقامة معرض في من مكان عن الطابية... ورحيل المكان... الناس رفضت
يأست قليلاوبعدها وجدت الفكرة تتكون من نفسهاتوجهت إلى المقابر وصورت... سافرت القاهرة وصورت... فمن هنا ظهرت فكرة الرحيل حتى صور رحيل الذات .
وحاليا الطابية ليس لها وجود وتم بناء سورعالي جدا لدرجة انك لا تستطيع رؤية البحر
واحتفظت بصوري الأخيرة للطابية بعد الهدم لم اعرضها في المعرض لأنها صور مؤلمة للغاية.
تركتها تلتقط الانفاس ، وسألتها عن دراستها للهندسة فقالت :
 الهندسة بالنسبة لي هو مجال دراسة وعمل اما التصوير الفوتوغرافي هو هواية... التصوير كما الرسم...  وسيلة تعبير كما الكتابة والشعر...  وانا كنت أحب جدا الرسم و التصوير وانا صغيرة... كل الناس بتشوف التصوير الفوتوغرافي فن... انا بشوف انه فن وذكاء.... ذكاء انك تخللي المتفرج يشوف حكاية في كادر ثابت... ودي اكتر حاجة بحاول احققها في التصوير، رحيل الإنسان مرتبط بالاقدار... ولا يوجد انسان خالدلكن خلود البشر من سيرتهم والحكايات عنهم  ... الأماكن دائما ما تحمل بين جوانبها حكايات... فقد تمر من مكان مر به شخص من مئات أو آلاف السنين.... آثار الناس في كل مكان عبر الأزمنة تنتقل معهم حكايتهم مع مرور الوقت
اما برحيل المكان .. تختفي آثار من عاشوا فيه ويتناسي الناس قصصهم... فالمكان هو شاهد على حيوات لم نعيشها .
وأما عن هموم الحالة الفنية والمشهد الثقافي عامة تقول سارة :
الجمعيات والمؤسسات والمراكز الثقافية لها دور كبير في نشر الفنون المختلفة وإتاحة الفرصة للفنانين بعرض أعمالهم.... ومن حسن الحظ أن اسكندرية بها العديد من المراكز المختلفة الداعمة جدا لنشر الثقافات... من توفير قاعات للعرض... قد تكون هناك مشكلة في الدعم المادي ولكن أتفهم هذه المشكلة لأنها عامة وليست لها حل في الوقت الحالي
 حاليا المنتشر أكثر الانتقاد أو بمعنى أوقع الانتقاص وإحباط المحاولات واقتصار الفن على مجموعة من الفنانين المعروفين. .. هذا بوجه عام وغير مقتصر على الفن فقط... انا احب النقد البناء الذي يساعد على التطوير إلى الافضل
وفي مجال التصوير الفوتوغرافي أتواصل دائما مع المتخصصين إلى تقييم أعمالي لاني أسعى إلى الأفضل وتعلم المزيد من الخبرات...
بالطبع المعارض أسهمت بشكل كبير في زيادة الوعي الفني عند الأفراد وخصوصا في مجال الفوتوغرافيا... وقد ساعدت أيضا مواقع التواصل الاجتماعي على انتشار الفنون وتعريف الأفراد بالمعارض والأنشطة المختلفة
في الماضي كان يقتصر احيانا الحضور على نوع معين من الفنانين والمثقفين ولكن الاحظ الان ان الدائرة في اتساع لتشمل مختلف المجالات والتخصصات..  واتمنى المزيد في المستقبل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سارة زهير... مصورة سكندرية الميلاد والنشأة، درست الهندسة المدنية ولكن شغفها الأكبر كان هو التصوير الفوتوغرافي الذي سيقودها يوما ما الي الجنون (حسب قولها). بدأ الأمر حينما كانت في العاشرة من عمرها بكاميرا كوداك فيلم قديمة. ابهرتها الأزرار والعدسات والأفلام. منذ عام 2011، بدأ شغفها يأخذ مسارا احترافيا كمصورة حرة وقدمت العديد من الورش التدريبية في كل من مركز الجيزويت الثقافي ومدرسة الليسيه الفرنسية وفي نادي فيوفيندرز.
كما اشتركت في 36 معرضا بداخل مصر من تنظيم معهد جوته ومركز الدراسات السكندرية والمركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية ومركز الجيزويت الثقافي واتيليه الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية... الخ، هذا بالإضافة إلى ه معارض دولية في ألمانيا وتونس ورومانيا.
وقد حصلت على العديد من الجوائز عن أعمالها الفنية المعروضة محليا ودوليا. وقد أقامت اول معرض منفرد  لها في الإسكندرية تحت عنوان "الرحيل" في سبتمبر 2017، احتوى المعرض على 104 صورة.

لا ينصب اهتمام المصورة على المجسمات ولكنها تتبع قصة في مخيلتها واحساسا في قلبها؛ فاللحظات الثمينة تستحق أن نتذكرها .