قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين
للمؤلفة إيمي ستيدمان
قراءة / راضي جودة
الحلقة الأولى
جيوتو ١٢٦٧ ـ ١٣٣٧م
في الريف الإيطالي الجميل بالقرب من مدينة فلورنسا ولد لــ بوندون طفلا أسماه جيوتو .. الذي نشأ على رعي الأغنام وخشونة الحياة الريفية ، لم تتوفر له أماكن للدراسة ، ولم يعرف معنى امتلاك قلم رصاص أو ألوان ، ومع ذلك استطاع بما لديه من شغف التأمل ورسم كل ما يراه خاصة حركات أغنامه ، والنباتات والأزهار والسحب ، فاستعان على تنفيذ رغبته بقطعة من الأحجار على صخرة ملساء ، لكن القدر كان يكتب سطرا جديدا في حياته في مصادفة عجيبة حيث كان يمر الرسام الأشهر سيمابو cimabue بالمكان في محاولة لرسم جزء من الطبيعة الخلابة للريف ، ووقع بصره على هذا الفتى التي لفحته الشمس ولكن لم تفارقه الابتسامة ولمعة العين اليقظة ، فلما شاهد رسومات وخربشات الصبي فوق الصخرة الملساء ، واكتشف بخبرته موهبته .. سأله إن كان يحب أن يتعلم الرسم في فلورنسا .
وسافر الصبي مع الفنان بعد موافقة والده الذي يعلم ان مثل تلك الفرص لا تتكرر ، كان المكان شيئا ما يشبه الورشة ، وكان الأطفال و الصبية الذين ذهبوا ليتعلموا الرسم والتلوين .. يتعلمون أولا كيف يسحقون الألوان ويعدونها وليس مسموح لهم استخدام الفرشاة حتى يأتي دورهم بعد مراقبة لاساتذتهم . فلما حان الوقت وبدأ يرسم جيوتو أبهر الجميع فلم يرسم وجوه جامدة وانما كانت الحيوية والجمال فيما قام برسمه كما قام بالرسم على الرخام ، واحب جيوتو الحيوانات واهتم برسمها ، وكانت الصور التي رسمها بالجص هي صانعة البهجة للجمهور الذي لم يكن يتوفر له الكتب ، ولم تكن اعماله في مدينة فلورنسا و حدها ولكن امتدت لمدن أخرى واتسعت شهرته وإن كانت المدن الإيطالية في حياته تعيش صراع وحروب وقلاقل مما حدد البعض منهم علاقته بالآخر على حساب هذا الإقتتال غير أن جيوتو عاش بينهم فنانا ليس له علاقة بتلك العداوات ، وراح يرسم بالجص اسقف الكنائس في كثير من المدن ، والشاعر الكبير دانتي لم يستنكف ان يكون صديقا لهذا الرسام الريفي .
ومن الطرائف التي تذكر للفنان جيوتو انه لما ذهب وفد البابا لأخذ عينة من أعماله لم يقدم لهم سوى دائرة على شكل حرف (o) وكانوا غير مقتنعين ان يحمل ذلك لقداسته ولكنهم لم يحصلوا من جيوتو على غير ذلك ، وذلك الحرف المستدير بإتقان هو الذي هيئه لرسم الكنائس والذي زاع صيته وأصبح هذا الحرف وهذا الشكل مثال يحتذى للإنضباط ، ومما كان معروفا عن الرسام جيوتو هو سرعة البديهة وحبه للدعابة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق