قراءة في كتاب فرسان الفن حول قصص حياة الرسامين الإيطاليين
للمؤلفة إيمي ستيدمان
قراءة / راضي جودة
فرا أنجيليكو ١٣٨٧ ـ ١٤٤٥م
بعد مرور مائة عام على ميلاد جيوتو وفي نفس التلال والريف الجميل الذي يمكنك من خلال حصر وإحصاء النجوم بالسماء ولد الرسام الشهير فرا أنجيليكو والذي كان معروفا في صباه باسم جايدو ، ولد في قريته القريبة من قرية جيوتو ولم يكن فرا انجيليكو فقيرا ولا يحتاج للعمل في الحقل أو رعي الأغنام ، وكان من الممكن حصوله على الجاه والمال لموهبته بالرسم لولا إلتحاقه بدير في فيسول وهو شاب في العشرين من عمره ليصبح راهباَ في خدمة سانت دومينيك ومن هنا تغير اسمه وأصبح معروفا بـ فرا أنجيليكو أو الأخ الملائكي وودع الحياة بمباهجها الدنيوية واندمج في حياة رهبان سانت دومينيك وهم أشهر المبشرين أنذاك غير أن انحناء الشاب (فرا) أمام كتب الصلوات لم يجعله مثل هؤلاء المبشرين كلام يكترث به البعض ثم يمضي ولكن رسوماته كانت أهم من وعظهم ، وكان هناك صراع في إيطاليا بين الجماعات الدينية ، اضطرت معه فرقة التبشير إلى ترك موطنها في فيسول للبحث عن مأوى آخر وكانت فرصة للرسام الشاب للتجول في المدن ذات التلال وعلمته العديد من الدروس ، ومع فجر كل يوم يخرج من الدير ممتطيا حماره صاعدا بين اشجار الزيتون حتى يصل إلى سانت فرنسيس والتابعين لها في زيهم البني يستقبلونه مسرورين مع أن رداءه الأسود يوضح أنه يخص طائفة أخرى ولا يمنع من دخوله كنيستهم التي غطاها جيوتو بصوره الرائعة .
مرت سنوات عدة قبل ان يسمح لهم بالعودة إلى موطنهم بدير سان دومينيك في فيسول ولكن رسوماته في تلك الفترة لم يستطيع أحد حصرها، ولكن سرعان ما بدأ الهمس خارج جدران الدير بشهرة الرسام حتى وصلت لآذان ـ كوزيمو دي ميديسي ـ أحد الحكام الأقوياء في فلورنسا وقد دعاه ليرسم الجدران بالجص في دير سان ماركو .
وامتلأت الجدران بلوحات الراهب الفنان الوديع الدائم الإبتسام الذي عشق رسم صور من حياة المسيح ، هذا الرسام الذي لم يبحث عن الشهرة أو القوة وحينما دعاه البابا إلى روما لكي يرسم جدران الكنيسة لم يعبأ بالمجد والشرف أكثر من لو دُعى ليرسم صومعة في سان ماركو ، والذي كان له موقف يحسب له ، وذلك عندما رأى البابا صنيعه استدعاه إليه وقال له :
ـ الرجل الذي يستطيع أن يرسم هذه الصور لابد وأن يكون رجلا صالحا وسيفعل كل ما يعهد به إليه ، هل تؤدي لي عملا آخر من أجلي وتصبح مطرانا في فلورنسا ؟
فكان رده : أنه لا يمكنه أن يعلم أو يبشر أو يحكم ! ولكنه أخبر البابا عن راهب متواضع وصديق له (فرا أنتونيو) فأخذ البابا بنصيحة الرسام وكان الختيار صالحا وحكيما .
مات فرا انجيليكو بينما كان يواصل عمله في روما ودفن بها بعيدا عن محبوبته فلورنسا .