الخميس، 29 ديسمبر 2011

الفنان السوري علي غريب




الفنان التشكيلي‮ ‬السوري‮ ‬علي‮ ‬غريب‮‬
التخيل هو القدرة على‭ ‬الدخول لآفاق جديدة
الفنان التشكيلي‮ ‬داخلي‮ ‬سيطر على‭ ‬معظم أعمالي

حاوره‮  ‬راضي‮ ‬جودة‮‬
‮] ‬علي‮ ‬غريب فنان خرج من حلب إلى فضاء الترحال‮ ‬يبحث عن سر اللون وإشكالية التخيل‮، ‬سافر الشاب اليافع من حلب إلى استانبول بعد حصوله على‭ ‬شهادة الثانوية دارساً‭ ‬للهندسة المدنية بمعهد‮  ‬يلدز‮ ، ‬أي‮ ‬النجمة ويعود اختياره للدراسة بتركيا لأواصر القربى‮، ‬وعندما وضع أقدامه على‭ ‬عتبات الدراسة أخذته السينما حتى‭ ‬قام بالتمثيل في‮ ‬فيلم‮  ‬الآن أصحبنا‮ ‬غرباء‮  ‬يقولها بالتركية‮  ‬يابان جي‮ ‬أولدك‮  ‬ورفضت أسرته فكرة التمثيل ففضل العودة إلى سوريا بعد أن أخفق في‮ ‬دراسة الديكور لكثرة المتقدمين وتحيز القبول للقبارصة الأتراك‮ ‬
عمل نائباً‭ ‬لمدير إدارة قضايا الدولة‮، ‬وتلك الإدارة لها دور المساعدة في‮ ‬استخراج ومتابعة المستندات التي‮ ‬تدافع بها عن موقف الدولة من تلك القضايا‮، ‬وترك العمل بعد سنة‮، ‬سافر بعدها إلى ألمانيا عام ‮٢٧٩١‬م للدراسة‮ ‬
يقول عن تلك الفترة‮»‬درست في‮ ‬ألمانيا دراسات عديدة منها هندسة الديكور الداخلي‮ ‬وبسبب ملاحقة سلطات الإقامة لجأت للتسجيل طالباً‮ ‬بجامعة‮ (‬هانوفر‮) ‬واستكملت الدراسة للحصول على‭ ‬بكالوريوس الهندسة المعمارية،‮ ‬ورغم ذلك درست بالأكاديمية العليا للتربية الفنية‮  ‬SAFBK، ‬والحصول على‭ ‬درجة مصمم وذلك دراستي‮ ‬للرسم الحر والنحت،‮ ‬عشر سنوات قضيتها في‮ ‬المانيا بعدها قدمت للعمل بالسعودية‮ ‬
‮[ ‬متى‭ ‬سيطر المهندس المدني‮ ‬داخلك على‭ ‬التشكيلي؟
‮ ‬لا بالعكس‮، ‬سيطر الفن التشكيلي‮ ‬داخلي‮ ‬على‭ ‬معظم أعمالي،‮ ‬وأرى أن الفن التشكيلي‮ ‬هو السيد الذي‮ ‬سيطر على‭ ‬ملكاتي‮ ‬وكان له التأثير الأكبر على‭ ‬كل أعمالي‮ ‬أو مكتسباتي‮ ‬ولأن الفن التشكيلي‮ ‬هو الذي‮ ‬رافقني‮ ‬منذ الطفولة وكان له التأثير على‭ ‬مخيلتي‮ ‬بما فتح أمامي‮ ‬العديد من الطرق والأبواب‮ ‬
‮[‬‭ ‬الوجوه تطارد أعمالك كالأشباح وتتخيلها في‮ ‬كل قطعة مهما اختلفت في‮ ‬الحجم أو المضمون‮، ‬ترى‭ ‬ما هي‮ ‬التداعيات التي‮ ‬تجعل من الوجوه رموزاً‮ ‬تجسد أمامك؟
‮ ‬من المهم أن أذكر أن جميع الرسامين والفنانين في‮ ‬العالم‮ ‬يعالجون الوجوه ونرى‭ ‬ذلك في‮ ‬أعمال بيكاسو الذي‮ ‬عالج الوجوه والنقاط الإنسانية خاصة المرأة لدورها المهم على أرض الواقع كما تتداخل الطبيعة والإنسان وذلك التمازج بين جميع الكائنات وأنت عندما تسير في‮ ‬المدينة تتقابل مع طيوف من الناس والمعاني‮ ‬وتتأثر بها وربما تعيش معها بطبيعة الحال ولكنها تجذب إحساسك خلال البائس والسعيد والعبوس والضاحك والشاعر حافظ إبراهيم كما شوقي‮ ‬شاعرين في‮ ‬عصر واحد لكن لكل منهما شكل ولون وتأثير على‭ ‬الآخرين،‮ ‬ومخيلتي‮ ‬تحمل صور للإنسان والحيوان والطير والعالم‮، ‬لدي‮ ‬مخزون ولا أعلن إلا عن القليل‮.. ‬فعندي‮ ‬تجارب في‮ ‬المتخيل وما وراء الخيال والفنتازيا وأشكال جمالية‮ ‬غير مألوفة وكلها أشياء تعيش في‮ ‬أعماق الفنان‮ ‬
‮[ ‬ليس هناك منهجية ولا رابط في‮ ‬كثير من أعمالك رغم خصوصيتها الانفرادية‮،السؤال هنا‮، ‬هل كل عمل له شخصيته وفرادته أم أنه‮ ‬يعيش مع أعمال أخرى؟
‮ ‬كل عمل عندي‮ ‬له مملكته وإحساسه تنطلق من داخلي‮ ‬باتجاه مدرسة ساقتني‮ ‬إليها اللوحة أو العمل وعلى‭ ‬الرغم من أنني‮ ‬ضد الانفرادية في‮ ‬الفن ولا‮ ‬يدخل في‮ ‬عقلي‮ ‬التقيد بمدرسة بعينها وهذا‮ ‬يعتبر بالنسبة لي‮ ‬طريق واحد لا‮ ‬يمكن الخروج عنه ونهايته محدودة كالفنان الذي‮ ‬يداعب الرموز الأفريقية على‭ ‬سبيل المثال بنفس الألوان وبنفس الأسلوب لسنوات عديدة فالمدرسة الواحدة قيد واختناق للفكر المحلق وأنا ضمن مجموعة من التجريبيين ولست تقليدياً‮ ‬من زاوية أكاديمية خاصة لكن أرى‭ ‬في‮ ‬أعمالي‮ ‬تشعب الطرق وكل عمل خاضع للحظة في‮ ‬الزمن واللون لا‮ ‬يمكن تغييرها بيوم آخر‬
‮[‬‭ ‬هل المهندس علي‮ ‬غريب أكثر واقعية من الفنان علي‮ ‬غريب أم أنك تحلق بالخيال أينما كنت؟
الهندسة المعمارية خيال وحصولي‮ ‬على‭ ‬الدرجة الأولى في‮ ‬الهندسة المدنية عن مشروع النادي‮ ‬الليلي‮ ‬الذي‮ ‬كان مشروع التخرج أكد الدكتور المشرف أن خيالي‮ ‬واسع وأنه لم‮ ‬ير مثل ذلك المشروع منقبل حتى في‮ ‬بعض الكتب ولم‮ ‬يعالجه أحد بنفس الكيفية وقرر تدريسه للطلاب‮.. ‬وكثير من الفنانين العالميين أو على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم لم‮ ‬يدرسوا الفن بنفس المستوى‭ ‬الذي‮ ‬استغرقته بالدراسة لذلك لا تتعجب من محبتي‮ ‬للفن الذي‮ ‬تغلب على‭ ‬كل الدراسات كما أن فني‮ ‬يتآخى‭ ‬مع عملي‮ ‬المعماري‮ ‬وأعطيك مثال على‭ ‬مدينة ملاهي‮ ‬عندما أعالج الأسطح بنفس لون السماء من أعمال والت ديزني‮ ‬لاضفاء نقاط جمالية للمكان وتغطية السقف بما‮ ‬يشغل حيز المكان من كل اتجاه حتى‭ ‬ترى‭ ‬العنكبوت‮ ‬يسقط من تلك الأسقف أنه موضوع جديد وشيق‮ ‬يدخل حيز التنفيذ لأن الخيال‮ ‬يجعل الإنسان‮ ‬يقوم بأعمال تثير الدهشة‮.‬
‮[ ‬اسمك‮ ‬يرادف اللوحة الباهظة السعر‮.. ‬ما هي‮ ‬ضوابط الأسعار للوحات في‮ ‬رأيك بين الموضوع،‮ ‬واسم الفنان؟
‮- ‬السعر ليس له علاقة باللوحة نفسها جيدة أو‮ ‬غير جيدة فهي‮ ‬فكرة فنية بالدرجة الأولى،‮ ‬وفي‮ ‬بداياتي‮ ‬لم أوافق على‭ ‬بيع أربع لوحات أصلية بثمن خمسون ألف ريال أي‮ ‬بقيمة سعر سيارتين صغيرتين في‮ ‬ذلك الوقت ولكن للظروف المعيشية والاحتياجات اليومية أجبرتني‮ ‬على‭ ‬الموافقة ‬
ولو كان لدي‮ ‬من الأموال ما‮ ‬يكفي‮ ‬ما اضطررت لبيع أي‮ ‬من أعمالي‮ ‬وأنا الآن في‮ ‬صراع من أجل البيع أو عدمه حسب ظروفي‮ ‬واسم الفنان مهم للتعريف وليس لتسعير اللوحة‮‬
‮[ ‬رأينا في‮ ‬بعض المعارض لوحات مأخوذة من أعمال أو جزء من أعمال الكبار والصغار عبر الزيارات لأوروبا سابقاً‮ ‬وزيارات الشبكة العنكبوتية حالياً‮.. ‬ما رأيك في‮ ‬تلك السرقات أم أن لا اسم آخر في‮ ‬رأيك؟
‮- ‬في‮ ‬كل أنحاء الدنيا توجد تلك السرقات حتى إنهم اتهموا الموسيقار محمد عبدالوهاب في‮ ‬سرقة ألحانه وأعتقد أن الذي‮ ‬يسرق هو فنان ضحل ليس لديه خيال فيسطوا على‭ ‬خيال الآخرين‮، ‬والفنان الحقيقي‮ ‬يبدع من داخل نفسه وليس نقلاً‭ ‬زوايا وأعمال‮ ‬غيره‮‬
‮[ ‬أعمالك متهمة بأنها تحلق في‮ ‬فضاءات الغرب دون أن تلمس منطقة البيئة التي‮ ‬تحياها‮.. ‬أقصد الشرق؟
 ‬إن العشر سنوات التي‮ ‬أمضيتها في‮ ‬الغرب هي‮ ‬التي‮ ‬بلورت شخصيتي‮ ‬الفنية وصقلت تجربتي‮ ‬بالدراسة والوعي‮ ‬بشكل حقيقي‮ ‬مما سيطر على‭ ‬خيال في‮ ‬استقصاء الأعمال من منابعه الغربية الأصلية،‮ ‬هذا لا‮ ‬يمنع أن لدي‮ ‬أعمال حول البيئة المحلية والعربية لا بأس بها قد تكون قليلة قياساً‮ ‬على‭ ‬جملة أعمالي‮ ‬ولكنها تجارب صميمية لا تنسى وإن كان هناك محاذير على‭ ‬كثير من مفردات الفن في‮ ‬البيئة العربية‮‬
‮[‬‭ ‬اصرارك على‭ ‬وصول دعوة للمشاركة في‮ ‬المعارض قد‮ ‬يعطيك فكرة كاملة عن المشاركين وحجم المشاركة ومع ذلك تتقدم ببعض الأعمال القديمة؟ لماذا؟
 ‬الجمهور الذي‮ ‬تقدم له أعمالك في‮ ‬العالم العربي‮ ‬ليس بنفس ثقافة واهتمام‮ ‬غيره من جمهور الفن على‭ ‬مستوى العالم فالجمهور العربي‮ ‬انطباعي‮ ‬بشكل كبير،‮ ‬أما الجمهور الأوروبي‮ ‬فهو‮ ‬يتقبل ما تقدم من أعمال وتجريب ويقترب كثيراً‮ ‬من فهم ما تحتويه من رموز واتجاهات،‮ ‬والعمل الذي‮ ‬يصل سعره إلى‭ ‬مليون ونصف أو أكثر ليس بنفس مستوى‭ ‬الجمهور الذي‮ ‬يرى‭ ‬العمل من دون أن‮ ‬يكلف نفسه عناء التفكير سوى‭ ‬في‮ ‬السطوح والأشكال القريبة من عقله وثقافته،‮ ‬ويمكنك أن تتصور كيف اكتسبت هذه الفكرة من تجاربي‮ ‬في‮ ‬معارض بصالة الأمير فيصل بن فهد والسفارتين الفرنسية والمصرية كذلك معارض في‮ ‬أوروبا وهناك من الرسامين ممن‮ ‬يبحثون وراء أسلوبي‮ ‬في‮ ‬الخلفيات وكثير من التقنيات ولم أسمع من الجمهور العربي‮ ‬من‮ ‬يريد أن‮ ‬يقتني‮ ‬جميع لوحاتي‮ ‬عكس الأوروبي‮ ‬الذي‮ ‬يريد أن‮ ‬يدفع ما لديه بطريقة أو بأخرى لاقتناء عمل من أعمالي‮‬
وموضوع الفن أو مفهومه بالنسبة لعلي‮ ‬غريب هو أن لدى‭ ‬أساليب وطرق عديدة‮، ‬أنا على‮ ‬يقين أن قدرة الله سبحانه وتعالى بجمال مخلوقاته جعل لبعض الناس الإحساس بالفن والجمال والتأمل في‮ ‬محتوى الكون،‮ ‬وفي‮ ‬رأيي‮ ‬أن الخيال‮ ‬يعطيك آفاق لم تكن تتصورها‮‬


الاثنين، 26 ديسمبر 2011

فريدة كهلوا


فريدة‮‮ ‬كهلوا
المرض‮‮ ‬و‮‮ ‬الإبداع‮‮ ‬المر
بقلم‮‮ ‬ـ‮ ‬راضي‮‮ ‬جودة

عناوين جانبية مقترحة 
ـ ‬النقاد‮‮‮ ‬كانوا‮‮‮ ‬يصنفون‮‮‮ ‬أعمالها‮‮‮ ‬ضمن‮‮‮ ‬الاتجاه‮‮‮ ‬السريالي 
ـ ‬استطاعت‮‮‮ ‬عبر‮‮‮ ‬لوحاتها‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬تجعل‮‮‮ ‬المتلقي‮‮‮ ‬يرى‮‮‮ ‬الألم‮‮‮ ‬أرضاً‮‮‮ ‬واقعية
ـ تتميز ‬أعمال‮ ‬الفنانة‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬المزج‮ ‬بين‮ ‬الواقعية‮ ‬والسريالية‮ ‬الغير‮ ‬متعمد
ـ كتب‮‮‮ ‬دييغو‮‮‮ ‬ريفيرا‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬سيرته‮‮‮ ‬الذاتية‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬اليوم‮‮‮ ‬الذي‮‮‮ ‬ماتت‮‮‮ ‬فيه‮‮‮ ‬كاهلو‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬أكثر‮‮‮ ‬الأيام‮‮‮ ‬مأساوية‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬حياته 
ـ في الفيلم نرى ‬الممثلة‮‮ ‬سلمى‮‮ ‬حايك‮‮ ‬ قد‮‮ ‬تفوقت‮‮ على‮‮ ‬نفسها‮‮ ‬في‮‮ ‬هذا‮‮ ‬الدور‮‮ ‬المعقد‮‮ ‬والمركب‮‮


‮‮‮ ‬ونحن‮‮‮ إذ ‬نتعرف‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬بعض‮‮‮ ‬التفاصيل‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬حياة‮‮‮ ‬الفنانة‮‮‮ ‬المكسيكية‮‮‮ ‬الشهيرة‮‮‮ ‬فريدا‮‮‮ ‬كهلوا‮‮‮ ‬نضع‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬تصورنا‮‮‮ ‬النقل‮‮‮ ‬الحي‮‮‮ ‬لبعض‮‮‮ ‬مراحل‮‮‮ ‬المعاناة‮‮‮ ‬والمرض‮‮‮ ‬التي‮‮‮ ‬شكلت‮‮‮ ‬العنصر‮‮‮ ‬الهام‮‮‮ ‬والدافع‮‮‮ ‬وراء‮‮‮  ‬ذلك‮‮‮ ‬الانتاج‮‮‮ ‬الغزير‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬الرغم‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬الحياة‮‮‮ ‬القصيرة‮‮‮ ‬التي‮‮‮ ‬عاشتها‮‮‮ ‬بين‮‮‮ ‬معاناة‮‮‮ ‬مع‮‮‮ ‬المرض‮‮‮ ‬والمشاكل‮‮‮ ‬الزوجية‮‮‮ ‬والأخطاء‮‮‮ ‬الشخصية‮‮‮ ‬التي‮‮‮ ‬لا‮‮‮ ‬تنفصل‮‮‮ ‬عراها‮‮‮ ‬عن‮‮‮ ‬المكون‮‮‮  ‬الحقيقي‮‮‮ ‬لكثير‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬تفاصيل‮‮‮ ‬أعمالها‮‮‮ ‬الفنية‮‮‮ ‬ورموزها‮‮‮ ‬وشخوصها‮‮‮ ‬والتي‮‮‮ ‬تعتبر‮‮‮ ‬نموذجا‮‮‮ ‬بين‮‮‮ ‬الفنانين‮‮‮ ‬الإنطباعيين‮‮‮ ‬الذين‮‮‮ ‬لخصوا‮‮‮ ‬أفكارهم‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬مفردات‮‮‮ ‬سهلة‮‮‮ ‬ومباشرة‮‮‮ ‬دون‮‮‮ ‬الاتكاء‮‮‮ ‬على‮‮‮ أشياء‮‮‮ ‬مبهمة‮‮‮ ‬وأشكال‮‮‮ ‬تتحور‮‮‮ ‬داخل‮‮‮ ‬العمل‮‮‮ ‬لمفهوم‮‮‮ ‬مغاير‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وإن‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬البعض‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬النقاد‮‮‮ ‬كانوا‮‮‮ ‬يصنفون‮‮‮ ‬أعمالها‮‮‮ ‬ضمن‮‮‮ ‬الاتجاه‮‮‮ ‬السريالي،‮‮‮ ‬إلا‮‮‮ ‬أنها‮‮‮ ‬لم‮‮‮ ‬تدعي‮‮‮ ‬ذلك‮‮‮ ‬بل‮‮‮ ‬كانت‮‮‮ ‬تنقل‮‮‮ ‬حقيقة‮‮‮ ‬ماتراه‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وحقيقة‮‮ ‬الأمر‮‮ ‬أن‮‮ ‬أعمالها‮‮ ‬لاذعة‮‮ ‬وصريحة‮‮ ‬وقاسية‮‮ ‬وحانية‮‮ ، ‬وقالت‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬مذكراتها‮‮‮ ‬ـ‮‮‮ ‬لم‮‮‮ ‬أرسم‮‮‮ ‬أبداً‮‮‮ ‬أحلاماً‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬بل‮‮‮ ‬أرسم‮‮‮ ‬واقعي‮‮‮ ‬الحقيقي‮‮‮ ‬فقط‮‮‮ ‬ـ،‮‮‮ 
‮‮‮ ‬ولدت‮‮‮ ‬الفنانة‮‮‮ ‬الرسامة‮‮‮ ‬المكسيكية‮‮‮ ‬فريدا‮‮‮ ‬كهلو‮‮‮ ‬دي‮‮‮ ‬ريفيرا‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬٦‮‮‮ ‬يوليو‮‮‮ ‬عام‮‮‮ ‬٧٠٩١‮‮‮م ‬وتوفيت‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬الثالث‮‮‮ ‬عشر‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬نفس‮‮‮ ‬الشهر‮‮‮ ‬عام‮‮‮   ‬٤٥٩١‮‮م ‬خلفت‮‮‮ ‬ورائها‮‮‮ ‬تراثاً‮‮‮ ‬تشكيلياً‮‮‮ ‬كبيراً‮‮‮ ‬ رائعاً‮‮‮ ‬،
أي‮‮‮ ‬أنها‮‮‮ ‬عاشت‮‮‮ ‬74‮‮‮ ‬عاما‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وهي‮‮‮ ‬واحدة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬أربع‮‮‮ ‬أبناء‮‮‮ ‬لأبوها‮‮‮ ‬المهاجر‮‮‮ ‬اليهودي‮‮‮ ‬الألماني‮‮‮ ‬وأمها‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬ذات‮‮‮ ‬الأصل‮‮‮ ‬المكسيكي،‮‮‮ وفي‮‮‮ ‬السادسة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬عمرها ‬تعرّضت‮‮‮ ‬للإصابة‮‮‮ ‬بمرض‮‮‮ ‬شلل‮‮‮ ‬الأطفال‮‮‮ ‬فتأذت‮‮‮ ‬رجلها‮‮‮ ‬اليمنى،‮‮‮ ‬وخلّف‮‮‮ ‬ذلك‮‮‮ ‬عوقاً‮‮‮ ‬بساقها‮‮‮ ‬مما‮‮‮ ‬عكست‮‮ ‬تلك‮‮ ‬الإعاقة‮‮‮ ‬أثراً‮‮‮ ‬نفسياً‮‮‮ ‬سيئاً‮‮‮ ‬عليها‮‮‮ ‬لفترة‮‮‮ ‬طويلة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬حياتها،‮‮‮ ‬لم‮‮‮ ‬ترتدِ‮‮‮ ‬الفستان‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬حياتها‮‮‮ ‬إلاّ‮‮‮ ‬مع‮‮‮ ‬الجوارب‮‮‮ ‬الصوفية‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬عز‮‮‮ ‬الصيف‮‮‮ ‬كي‮‮‮ ‬تخفي‮‮‮ ‬أعاقتها‮‮‮ ‬،
ولم‮‮‮ ‬تنتهي‮‮‮ ‬معانتها‮‮‮ ‬عند‮‮‮ ‬هذا‮‮‮ ‬الحد‮‮‮ ‬فقد‮‮‮ ‬تعرضت‮‮‮ ‬عام‮‮‮ ‬٥٢٩١م‮‮‮ ‬وهي‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬الثامنة‮‮‮ ‬عشر‮‮‮ ‬إلى‮‮‮ ‬حادث‮‮‮ ‬باص‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬يقلّها‮‮‮ ‬إلى‮‮‮ ‬منزلها‮‮‮ ‬وعلى‮‮‮ ‬أثر‮‮‮ ‬الحادث،‮‮‮ ‬اضطرت‮‮‮ ‬إلى‮‮‮ ‬التمدد‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬ظهرها‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬دون‮‮‮ ‬حراك‮‮‮ ‬لمدة‮‮‮ ‬سنة‮‮‮ ‬كاملة،‮‮ ‬عملت‮‮‮ ‬والدتها‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬راحتها‮‮‮ ‬طوال‮‮‮ ‬تلك‮‮‮ ‬السنة،‮‮‮ ‬ووضعت‮‮‮ ‬لها‮‮‮ ‬سريراً‮‮‮ ‬متنقلاً‮‮‮ ‬ومرآة‮‮‮ ‬ضخمة‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬سقف‮‮‮ ‬الغرفة،‮‮‮ ‬فكانت‮‮‮ ‬وحيدة‮‮‮ ‬وجهاً‮‮‮ ‬لوجه‮‮‮ ‬مع‮‮‮ ‬ذاتها‮‮‮ ‬طوال‮‮‮ ‬النهار،‮‮‮ ‬فطلبت‮‮‮ ‬ريشة‮‮‮ ‬وألواناً‮‮‮ ‬وأوراقاً‮‮‮ ‬لترسم،‮‮‮ ‬وراحت‮‮‮ ‬تنقل‮‮‮ ‬صورتها‮‮‮ ‬يومياً‮‮‮ ‬واكتشفت‮‮‮ ‬بذلك‮‮‮ ‬حبها‮‮‮ ‬بل‮‮‮ ‬شغفها‮‮‮ للرسم،‮‮‮  ‬فريدا‮‮‮ ‬لم‮‮‮ ‬تدرس‮‮‮ ‬الرسم‮‮‮ ‬أكاديمياً‮‮‮ ‬إلا‮‮‮ ‬أنها‮‮‮ ‬كانت‮‮‮ ‬قد‮‮‮ ‬تلقّت‮‮‮ ‬بعض‮‮‮ ‬الدروس‮‮‮ ‬الخصوصية‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬يد‮‮‮ ‬أحد‮‮‮ ‬الأساتذة،‮‮‮ ‬و‮‮‮ ‬استطاعت‮‮‮ ‬عبر‮‮‮ ‬لوحاتها‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬تجعل‮‮‮ ‬المتلقي‮‮‮ ‬يرى‮‮‮ ‬الألم‮‮‮ ‬أرضاً‮‮‮ ‬واقعية،حياً‮‮‮ ‬قبيحاً‮‮‮ ‬قاتلاً‮‮‮ ‬ومعوقاً،‮‮‮  ‬ومن‮‮‮ ‬هنا‮‮‮ ‬نجد‮‮‮ ‬تلك‮‮‮ ‬الإجابة‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬تكرار‮‮‮ ‬رسم‮‮‮ ‬صورتها‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬أكثر‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬وضع‮‮‮ ‬بل‮‮‮ ‬لعلنا‮‮‮ ‬نقول‮‮‮ ‬أنها‮‮‮ ‬كانت‮‮‮ ‬ترسم‮‮‮ ‬ذات‮‮‮ ‬الشخصية‮‮‮ ‬المتوحدة‮‮‮ ‬معها‮‮‮ ‬بذات‮‮‮ ‬الشكل‮‮‮ ‬بصفة‮‮‮ ‬يومية‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬توضيحا‮‮‮ ‬للمعاناة‮‮‮ ‬التي‮‮‮ ‬قد‮‮‮ ‬لا‮‮‮ ‬يشعر‮‮‮ ‬بها‮‮‮ ‬إلا‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬مر‮‮‮ ‬بنفس‮‮‮ ‬الظروف‮‮‮ التي مرت بها‮‮‮ ‬دونما‮‮‮ ‬الخوض‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬عشق‮‮‮ ‬الذات‮‮‮ ‬والنرجسية‮‮‮ ‬التي‮‮‮ ‬تطغى‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬معظم‮‮‮ ‬الفنانين‮‮‮ ‬ولكن‮‮‮ ‬تتسرب‮‮‮ ‬أوجاعهم‮‮‮ ‬خلال‮‮‮ ‬تسجيل‮‮‮ ‬بعض‮‮‮ ‬الأعمال‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وكان‮‮‮ ‬الرسم‮‮‮ ‬بالنسبة‮‮‮ ‬لفريدا‮‮‮ ‬ومحور‮‮‮ ‬أعمالها‮‮‮ ‬الواقع‮‮‮ ‬والقدر،‮‮‮ ‬إذ‮‮‮ ‬نبع‮‮‮ ‬ذلك‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬تجربتها‮‮‮ ‬الخاصة‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬المعاناة،‮‮‮ ‬وكان‮‮‮ ‬الرسم‮‮‮ ‬المتنفس‮‮‮ ‬الوحيد‮‮‮ ‬لآلامها‮‮‮ ‬وعذاباتها‮‮‮ ‬وقدرها‮‮‮ ‬التعيس،‮‮‮ ‬والمعاناة‮‮‮ ‬جعلت‮‮‮ ‬تجربتها‮‮‮ ‬الخاصة‮‮‮ ‬منبعاً‮‮‮ ‬للخيال،‮‮‮ ‬ولم‮‮‮ ‬يكن‮‮‮ ‬ذلك‮‮‮ ‬إلغاء‮‮‮ ‬للواقع‮‮‮ ‬للوصول‮‮‮ ‬إلى‮‮‮ ‬مملكة‮‮‮ ‬الخيال،‮‮‮ ‬إذ‮‮‮ أن‮‮‮ ‬لوحاتها‮‮‮ ‬كانت‮‮‮ ‬واقعية‮‮‮ ‬قابلة‮‮‮ ‬الفهم‮‮‮ ‬غير‮‮‮ ‬مستعصية‮‮‮ ‬الادراك،‮‮‮ ‬وفيها‮‮‮ ‬الكثير‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬التوثيقية‮‮‮ ‬والتقريرية‮‮‮ ‬وواضحة‮‮‮ ‬حتى‮‮‮ ‬للمشاهد‮‮‮ ‬البسيط،‮‮‮ ‬رغم‮‮‮ ‬أنها‮‮‮ ‬تعتبر‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬أشهر‮‮‮ ‬فناني‮‮‮ ‬المكسيك‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وأن‮‮‮ أعمالها‮‮ ‬كانت‮‮ ‬ومازالت‮‮ ‬إلهاما‮‮ً ‬لبيوت‮‮ ‬الأزياء‮‮ ‬المكسيكية‮‮ ‬،‮‮ ‬وقد‮‮‮ ‬تزوجت‮‮‮ ‬فريدا‮‮‮ ‬كاهلو‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬الرسام‮‮‮ ‬المكسيكي‮‮‮ ‬دييغو‮‮‮ ‬ريفيرا‮‮‮ ‬في‮‮‮ أغسطس‮‮‮ ‬عام‮‮‮ ‬9291‮م ‬وقد‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬عمرها‮‮‮ ‬٢٢سنة‮‮‮ ‬بينما‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬عمر‮‮‮ ‬ريفيرا‮‮ ‬٢٤‮‮‮ ‬سنة‮‮‮ ‬ونتيجة‮‮‮ ‬لطباعها‮‮‮ ‬الصعبة‮‮‮ ‬تطلقا‮‮‮ ‬بعد‮‮‮ ‬عشر‮‮‮ ‬سنوات‮‮‮ ‬عام ٩٣٩١م ‬ولكنهما‮‮‮ ‬تزوجا‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬جديد‮‮‮ ‬بعد‮‮ ‬عام‮‮ ‬واحد‮‮ ‬في‮‮‮ ‬سان‮‮‮ ‬فرانسيسكو،يذكر‮‮‮ أن ‬كاهلو‮‮‮ ‬كانت‮‮‮ ‬لديها‮‮‮ ‬ازدواجية‮‮‮ ‬جنسية‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وتلك الإزدواجيه كانت‮‮‮ ‬سبباً‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬مشاكلها‮‮‮ ‬أثناء‮‮‮ ‬زواجها‮‮ ‬كما كان‮‮ ‬يميز‮‮ ‬الزوجين‮‮ ‬أنهما متعاطفين‮‮‮ ‬مع‮‮ ‬شيوعيين‮‮‮ ‬ناشطين،‮‮‮ ‬تصادقت‮‮‮ ‬فريدا‮‮‮ ‬وزوجها‮‮‮ ‬مع‮‮ ‬ليون‮‮ ‬تروتسكي‮‮‮  ‬الباحث‮‮‮ ‬عن‮‮‮ ‬ملجأ‮‮‮ ‬سياسي‮‮‮ ‬بعيداً ‬عن‮‮‮ ‬نظام‮‮‮ ‬جوزيف‮‮‮ ‬ستالين‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬الإتحاد‮‮‮ ‬السوفييتي،‮‮‮ ‬عاش‮‮‮ ‬تروتسكي‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬البداية‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬منزل‮‮‮ ‬الزوجين‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬حيث‮‮‮ ‬حدثت‮‮‮ ‬علاقة‮‮‮ ‬بينه‮‮‮ ‬وبين‮‮‮ ‬كاهلو،‮‮‮ ‬انتقل‮‮‮ ‬تروتسكي‮‮‮ ‬وزوجته‮‮‮ ‬بعدها‮‮‮ ‬إلى‮‮‮ ‬منزل‮‮‮ ‬آخر‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬كيوكان‮‮‮ ‬حيث‮‮‮ ‬إغتيل‮‮‮ ‬تروتسكي‮‮‮ ‬لاحقا‮‮‮  ‬٠
قبل‮‮‮ ‬أيام‮‮‮ ‬قليلة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬وفاة‮‮‮ ‬فريدا‮‮‮ ‬كاهلو‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬٣١‮‮‮ ‬يوليو‮‮ ‬٤٥٩١م،‮‮‮ ‬كتبت‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬مذكراتها‮‮‮ ‬أتمنى‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬يكون‮‮‮ ‬الخروج‮‮‮ ‬ممتعا‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬وأتمنى‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬لا‮‮‮ أحتاج‮‮‮ ‬العودة‮‮‮ ‬أبدا‮‮‮  ‬،‮‮ ‬ويعود‮‮‮ ‬السبب‮‮‮ ‬الرسمي‮‮‮ ‬للوفاة‮‮‮ ‬هو‮‮‮ ‬التهاب‮‮‮ ‬رئوي،‮‮‮ ‬لكن‮‮‮ ‬البعض‮‮‮ ‬يشك‮‮‮ ‬بأن‮‮‮ ‬تكون‮‮‮ ‬قد‮‮‮ ‬توفيت‮‮‮ ‬بسبب‮‮‮ ‬جرعة‮‮‮ ‬مفرطة‮‮‮ ‬من‮‮ ‬العلاج‮‮ ‬لم‮‮ ‬تتحدد‮‮ ‬إن‮‮ ‬كانت‮‮‮ ‬مقصودة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬عدمها،‮‮‮  ‬ولم‮‮‮ ‬يتم‮‮‮ ‬تشريح‮‮‮ ‬الجثة‮‮‮ ‬أبدا‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬اعتبار‮‮‮ ‬شدة‮‮‮ ‬مرضها‮‮‮ ‬خلال‮‮‮ ‬السنة‮‮‮ ‬الأخيرة‮‮‮ ‬وبترت‮‮‮ ‬رجلها‮‮‮ ‬اليمنى‮‮‮ ‬حتى‮‮‮ ‬الركبة،‮‮‮ ‬بسبب‮‮‮ ‬الغانغرينا،‮‮‮ ‬كما‮‮‮ ‬أصابها‮‮‮ ‬التهاب‮‮‮ ‬رئوي‮‮‮ ‬كما‮‮‮ ‬اسلفنا‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬تلك‮‮‮ ‬الفترة،‮‮‮ ‬مما‮‮‮ ‬جعل‮‮‮ ‬صحتها‮‮‮ ‬هشّة‮‮ ‬،
كتب‮‮‮ ‬دييغو‮‮‮ ‬ريفيرا‮‮‮ ‬لاحقا‮‮ ‬في‮‮‮ ‬سيرته‮‮‮ ‬الذاتية‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬اليوم‮‮‮ ‬الذي‮‮‮ ‬ماتت‮‮‮ ‬فيه‮‮‮ ‬كاهلو‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬أكثر‮‮‮ ‬الأيام‮‮‮ ‬مأساوية‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬حياته،‮‮‮ ‬مضيفا‮‮‮ ‬أنه‮‮‮ ‬إكتشف‮‮‮ ‬متأخرا‮‮‮ ‬أن‮‮‮ ‬الجزء‮‮‮ ‬الأفضل‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬حياته‮‮‮ ‬كان‮‮‮ ‬حبه‮‮‮ ‬لها‮‮‮ ‬،
يحفظ‮‮‮ ‬رماد‮‮‮ ‬جثتها‮‮‮ ‬اليوم‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬جرة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬الفترة‮‮‮ ‬القبل‮‮‮ ‬كولمبية‮‮‮ ‬معروضا‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬منزلها‮‮‮ ‬السابق‮‮‮ * ‬لاكاسا‮‮ ‬ازول‮‮ * ‬البيت‮‮‮ ‬الأزرق‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬في‮‮‮ ‬كايوكان‮‮‮ ‬،‮‮‮ ‬المنزل‮‮‮ ‬تحوّل‮‮‮ ‬إلى‮‮‮ ‬متحف‮‮‮ ‬يضم‮‮‮ ‬عددا‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬أعمالها‮‮‮ ‬الفنية‮‮‮ ‬ومقتنيات‮‮‮ ‬عديدة‮‮‮ ‬من‮‮‮ ‬حياتها‮‮‮ ‬الخاصة‮‮‮ ‬،
وللتعرف‮‮‮ ‬على‮‮‮ ‬أعمالها‮‮‮ ‬الفنية‮‮‮ ‬التي‮‮‮ ‬يقدر‮‮‮ ‬عددها‮‮ ‬بحوالي ٠٠٢‮‮ ‬لوحة‮‮ ‬في‮‮ ‬معظمها‮‮‮ ‬فن‮‮‮ ‬البورترية‮‮ ‬وذلك‮‮ ‬الواقع‮‮ ‬الذي‮‮ ‬تراه‮‮ ‬مجسداً‮‮ ‬في‮‮ ‬ملامح‮‮ ‬وجهها‮‮ ‬،‮‮ ‬وفي‮‮ ‬جسدها‮‮ ‬المثخن‮‮ ‬بالجراح‮‮ ‬الذي‮‮ ‬حاولت‮‮ ‬أن‮‮ ‬تنقل‮‮ ‬تفاصيله‮‮ ‬التي‮‮ ‬تعكس‮‮ ‬ظاهرها‮‮ ‬الباطن‮‮ ‬،‮‮ ‬وحاجباها‮‮ ‬المقرونان‮‮ ‬كأنهما‮‮ ‬غراب‮‮ ‬ينعي‮‮ ‬تلك‮‮ ‬النظرات‮‮ ‬،‮‮ ‬التي‮‮ ‬تبدو‮‮ ‬باهته‮‮ ‬في‮‮ ‬حالات‮‮ ‬ومتيقظة‮‮ ‬منبهرة‮‮ ‬في‮‮ ‬حالات‮‮ ‬أخرى‮‮ ‬،‮‮ ‬كما‮‮ ‬شفتاها‮‮ ‬المنقبضتان‮‮ ‬تعبيراً‮‮ ‬عن‮‮ ‬مأساتها‮‮ ‬التي‮‮ ‬فقدت‮‮ ‬البوح‮‮ ‬إلا‮‮ ‬على‮‮ ‬مساحة‮‮ ‬اللوحة‮‮ ‬وتحملها‮‮ ‬لآلام‮‮ ‬شديدة‮‮ ‬تمزق‮‮ ‬جسدها‮‮ ‬،

أشهر‮ ‬لوحاتها

من‮ ‬أشهر‮ ‬لوحاتها‮ ‬تلك‮ ‬التي‮ ‬صورت‮ ‬فيها‮ ‬ما‮ ‬يشبه‮ ‬عملية‮ ‬نقل‮ ‬قلب‮ ‬منها‮ ‬وإليها‮ ‬رغم‮ ‬الجلوس‮ ‬الذي‮ ‬يبدو‮ ‬رومانسي‮ ‬واللوحة‮ ‬التي‮ ‬صورتها‮ ‬عن‮ ‬حادثة‮ ‬تعرضت‮ ‬فيها‮ ‬سيدة‮ ‬للطعن‮ ‬من‮ ‬زوجها‮ ‬طعنات‮ ‬عديدة‮ ‬حتى‮ ‬فقدت‮ ‬الحياة‮ ‬والذي‮ ‬جعل‮ ‬فريدا‮ ‬ترسم‮ ‬اللوحة‮ ‬لأنها استفزت من كلام‮ ‬المعتدي‮ ‬عند‮ ‬التحقيق‮ ‬بأن‮ ‬تلك‮ ‬كانت‮ ‬مجرد‮ ‬وخزات‮ ‬بسيطة‮ ‬،‮ ‬كما‮ ‬أن‮ ‬لديها‮ ‬مجموعة‮ ‬من‮ ‬الأعمال‮ ‬تبدو ‬في‮ ‬منتهى‮ ‬الأناقة‮ ‬ولكن‮ ‬يلتف‮ ‬حول‮ ‬رقبتها‮ ‬قرد‮ ‬حقيقي‮ ‬أو‮ ‬فراشات‮ ‬وغيرها‮ ‬من‮ ‬الكائنات،‮ ‬كما‮ ‬لا‮ ‬ننسى‮ ‬الأعمال‮ ‬التي‮ ‬انجزتها‮ ‬خلال‮ ‬فترة‮ ‬النوم‮ ‬السريري‮ وتبقى اللوحات الأنيقة لفن البورترية شاهد على قدرتها الإبداعية . ‬

وأما‮ ‬عن‮ ‬سر‮ ‬تميز‮ ‬أعمالها

تتميز ‬أعمال‮ ‬الفنانة‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬المزج‮ ‬بين‮ ‬الواقعية‮ ‬والسريالية‮ ‬الغير‮ ‬متعمد‮ ‬أي‮ ‬اللوحة‮ ‬بين‮ ‬الحقيقة‮ ‬والحلم‮ ‬،‮ ‬ثم‮ ‬الدخول‮ ‬في‮ ‬موضوعات‮ ‬قد‮ ‬تبدو ‬قاسية‮ ‬مثل‮ ‬الإجهاض‮ ‬أو‮ ‬القتل‮ ‬وغيرها‮ ‬،‮ ‬تلك‮ ‬التي‮ ‬تتبعثر‮ ‬فيها‮ ‬الدماء‮ ‬وتلطخ‮ ‬المكان‮ ‬ولكن‮ ‬تبقى‮ ‬ألوان‮ ‬فريدا‮ ‬القوية‮ ‬وقدرتها‮ ‬الإبداعية‮ ‬الشخصية‮ ‬في‮ ‬رسم‮ ‬البورتريه‮ ‬يسجلها‮ ‬في‮ ‬مكانها‮ ‬الخاص‮ ‬بين‮ ‬الكبار‮ ‬فإن‮ ‬شخوصها‮ ‬التي‮ ‬لاتشبه‮ ‬أحد‮ ‬آخر‮ ‬تقترب‮ ‬من‮ ‬خصوصية‮ ‬جوجان‮ ‬الذي‮ ‬عمل‮ ‬على‮ ‬تكوين‮ ‬شخوص‮ ‬لا‮ ‬تشبه‮ ‬أحد‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬لا‮ ‬تتسق‮ ‬مع‮ ‬معاصرية‮ ‬،‮ ‬ومما‮ ‬يجعلنا‮ ‬نقارن‮ ‬بينها‮ ‬وبين‮ ‬معاصريها‮ ‬على‮ ‬الأقل‮ ‬في‮ ‬المكسيك‮ ‬وأمريكا‮ ‬فإن‮ ‬النقاد‮ ‬لم‮ ‬يركزوا‮ ‬كثيراً ‬على‮ ‬أعمال‮ ‬زوجها‮ ‬دييغو‮ ‬لأن‮ ‬معظم‮ ‬أعماله‮ ‬تمت‮ ‬على‮ ‬الجدران‮ ‬والأسقف‮ ‬مما‮ ‬عرض‮ ‬الكثير‮ ‬منها‮ ‬للتلف‮ ‬والهدم‮ ‬ولكن‮ ‬وجود‮ ‬البيت‮ ‬الأزرق‮ ‬واللوحات‮ ‬المتنقلة‮ ‬والتي‮ ‬رسمت‮ ‬على‮ ‬الورق‮ ‬والقماش‮ ‬جعل‮ ‬التوثيق‮ ‬في‮ ‬صالح‮ ‬فريدا‮ ‬،‮ ‬تلك‮ هي الفنانة ‬فريدا‮ ‬بتميزها‮ الذي ‬لا‮ ‬ينفصل‮ ‬عن‮ ‬الإنسانة بشخصيتها‮ ‬ومكونها‮ ‬الطبيعي‮ ‬من‮ ‬تناقض‮ ‬بين حب وفن وألم

الاعتراف‮‮ ‬والتقدير‮‮ ‬المتأخر

في‮‮ ‬فيلم‮‮ ‬فريدا‮‮ ‬الذي‮‮ ‬يصور‮‮ ‬الحياة‮‮ ‬التراجيدية‮‮ ‬الصاخبة‮‮ ‬المؤثرة‮‮ ‬للفنانة‮‮ ‬المكسيكية‮‮ ‬فريدا‮‮ ‬كاهلو،‮‮ بما‮‮ ‬خلّفت‮‮ ‬وراءها‮‮ ‬من تراث تشكيلي،‮‮ ‬وملامح‮‮ ‬حياة‮‮ ‬تجسد‮‮ ‬مقدار‮‮ ‬الوجع‮‮ ‬والقلق‮‮ ‬والمعاناة‮‮ ‬الذي‮‮ ‬لف‮‮ ‬سنوات‮‮ ‬عمرها‮‮ ‬القليلة،‮‮ ‬مذكرة‮‮ ‬إيانا‮‮ ‬بتلك‮‮ ‬المصائر‮‮ ‬المأساوية‮‮ ‬لأصحاب‮‮ ‬القلوب‮‮ ‬الكبيرة‮‮ ‬والمشاعر‮‮ ‬المرهفة‮‮ ‬الرقيقة،‮‮ ‬نلتقي‮‮ ‬النص‮‮ ‬الجميل‮‮ ‬الراقي‮‮ ‬وكيفية‮‮ ‬المعالجة‮‮ ‬الفنية‮‮ ‬التي‮‮ ‬أمسكت‮‮ ‬بالنص،‮‮ ‬والتفت‮‮ ‬حوله‮‮ ‬لتخلق‮‮ ‬صورة‮‮ ‬وحدثاً‮‮ ‬متكاملين،‮‮ ‬الفيلم‮‮ ‬يكشف‮‮ ‬بعض‮‮ ‬التفاصيل‮‮ ‬عن‮‮ ‬مراهقتها‮‮ ‬عندما‮‮ ‬كانت‮‮ ‬تتلصص‮‮ ‬على‮‮ ‬دياجو‮‮ ‬ـ‮‮ ‬الفنان‮ ‬ـ‮‮ ‬ولأنها‮‮ ‬قد‮‮ ‬كسبت‮‮ ‬بعض‮‮ ‬المهارات‮‮ ‬من‮‮ ‬والدها‮‮ ‬الفوتوغرافي‮‮ ‬،‮‮ ‬كما‮‮ ‬يصور‮‮ ‬بدقة‮‮ ‬الحادث‮‮ ‬الذي‮‮ ‬تعرضت‮‮ ‬فيه‮‮ ‬لإصابات‮‮ ‬في‮‮ ‬الظهر‮‮ ‬،‮‮ ‬وكذلك‮‮ ‬طريقة‮‮ ‬التعرف‮‮ ‬على‮‮ ‬زوجها‮‮ ‬الذي‮‮ ‬لم‮‮ ‬يكن‮‮ ‬محل‮‮ ‬ترحيب‮‮ ‬من‮‮ ‬الوالدة‮‮ ‬لسلوكه‮‮ ‬وزواجه‮‮ ‬السابق‮‮ ‬لمرتين‮‮ ‬متتاليين‮‮ ‬،‮‮ ‬ومن‮‮ ‬هذا‮‮ ‬الزوج‮‮ ‬الشيوعي‮‮ ‬حاولت‮‮ ‬إنجاب‮‮ ‬طفل‮‮ ‬لكن‮‮ ‬جسدها‮‮ ‬لم‮‮ ‬يتحمل‮‮ ‬ففقدت‮‮ ‬ذلك‮‮ ‬الطفل‮‮ ‬بإجهاض‮‮ ‬مما‮‮ ‬انعكس‮‮ ‬سلبا‮‮ ‬على‮‮ ‬حياتها‮‮ ‬خاصة‮‮ ‬بعد‮‮ ‬وفاه ‬والدتها‮‮ ‬وطلاق‮‮ أختها‮‮ ‬التي‮‮ ‬سببت‮‮ ‬لها‮‮ ‬إزعاجاً‮‮ ‬فيما‮‮ ‬بعد‮‮ ‬،‮‮ ‬بقى‮‮ ‬هذا‮‮ ‬الزواج‮‮ ‬52‮‮ ‬عاما‮‮ ‬تخلله‮‮ ‬انفصال‮‮ ‬لمدة‮‮ ‬عام‮‮ ‬بسبب‮‮ ‬تروسكي‮‮ ‬السياسي‮‮ ‬الهارب‮‮ ‬والذي‮‮ ‬تمت‮‮ ‬تصفيته‮‮ ‬بمعرفة‮‮ ‬الحكومة‮‮ ‬المكسيكية‮‮ ‬،‮‮ ‬رغم‮‮ أنها‮‮ ‬اعتقلت‮‮ ‬فترة‮‮ ‬بسيطة‮‮ ‬للإدعاء‮‮ ‬بأن‮‮ ‬زوجها‮‮ ‬كان‮‮ ‬وراء‮‮ ‬مقتل‮‮ ‬تروسكي‮‮ ‬،‮‮ ‬لجأ‮‮ ‬الأطباء‮‮ ‬لوضع‮ ‬قفص‮‮ ‬من‮‮ ‬الحديد‮‮ ‬حول‮‮ ‬ظهرها‮‮ لتستكمل حياتها ‬،‮‮ ‬وفي الفيلم نرى ‬الممثلة‮‮ ‬سلمى‮‮ ‬حايك‮‮ ‬ قد‮‮ ‬تفوقت‮‮ على‮‮ ‬نفسها‮‮ ‬في‮‮ ‬هذا‮‮ ‬الدور‮‮ ‬المعقد‮‮ ‬والمركب‮‮ ‬وهي‮‮ ‬تترجم‮‮ ‬الانفعالات‮‮ ‬الداخلية‮‮ ‬لدى‮‮ ‬الشخصية‮‮ ‬المقهورة‮‮ ‬عاطفياً‮‮ ‬والمدمرة‮‮ ‬نفسياً‮‮ ‬وجسدياً،‮‮ ‬غير‮‮ ‬أن‮‮ ‬هذه‮‮ ‬الشخصية‮‮ ‬لم‮‮ ‬تكن‮‮ ‬سلبية‮‮ ‬بالمرة،‮‮ ‬فهي‮‮ ‬تدافع‮‮ ‬عن‮‮ ‬نفسها‮‮ ‬وتقاوم‮‮ ‬في‮‮ ‬سبيل‮‮ ‬الارتقاء‮‮ ‬بنفسها‮‮ ‬وبإبداعها‮‮ ‬حتى‮‮ ‬تصل‮‮ ‬إلى‮‮ ‬الهدف‮‮ ‬الذي‮‮ ‬تريده‮‮.‬