الجمعة، 28 سبتمبر 2018
الخميس، 6 سبتمبر 2018
أسطورة طائر النار
أسطورة طائر النار
وقيم التشكيل النحتي عند الفنان محمد الثقفي
بقلم / راضي جودة
ـ أهم ما يميز منحوتات الثقفي شاعرية التصميم و جماليات التنفيذ .
ـ الثقفي يحاور الحجر حوار غير مسموع يناغي تلك القطع ويغوص بالفكرة .
ـ متى نهتم باقامة معارض تضع النحت في مكانته التي تليق به .
النحت ذلك العالم السحري المتخم بقيم الجمال ، والتي يستخرجها الفنان بإقتدار من سراديب المتخيل ، والعمل الفني الذي يعيش أطولا عمرا ويعد من أهم خصائص عالم الفن التشكيلي والفنون البصرية ، وإن كنا نعترف بندرة الكتابة عن فن النحت وبيان قيم هندسة الكتلة والفراغ ونلمس ذلك القصور النقدي والإعلامي في تسليط الضوء حول المنجز النحتي وفرسانه، تلك الكتابات وذلك النقد الذي لم يكن مسايرا فعلا لهذا النشاط بالقدر الذي يليق به ، إلا بعض الكتابات هنا وهناك بشكل فردي ، كما أن المعارض والفعاليات التي أقيمت للنحت كعمل تشكيلي منفصل يبرز هذا الحراك النوعي ، لم تكن أبدا تلك المعارض بالكم ولا بالكيف الذي يضع النحت في مكانته التي تليق به ، اللهم إلا بعض المعارض المتناثرة هنا وهناك ، حتى أصبح من المعتاد ان يتجاور المجسم مع اللوحة المسندة سواء على قاعدة أو مصطفاً على بعض الطاولات . وإذا كان فن النحت يتميز عن غيره من الفنون بأنه يقوم على الإزالة في معظمه ، أي أن الفنان (النحات) لا يرى القطع الحجرية أو الخشبية مجرد جوامد فقط لكن تربطه خيوط المتخيل بالتفاصيل التي تكتنزها القطع الحجرية في علاقة مسيسة بالمخبوء .
ونحن نتناول تجربة الفنان محمد الثقفي وتطورها يمكننا القول أن الثقفي يعد الآن أحد أبرز رموز النحت في المملكة العربية السعودية كيف لا وهو صاحب فكر مختلف لا يخلو من تلقائية التناول بموضوعية أو النحت بأصول هندسية ، ولعله يعشق التميز بالخروج عن المألوف ويتبنى في صميم أعماله لعنصرين رئيسيين هما :
(أ) شاعرية التصميم ، و( ب ) جمالية التنفيذ ، كما أنه يجمع في مجسماته صياغة التزاوج بين الحجر والخامات الصناعية بإحساس فلسفي عاطفي ـ رومانتيك ـ للدرجة التي تشعرك وانت تراقب أعماله أنك أمام قصائد غزلية اعتني بتجملها وتلوينها الفنان بالإضافة للقدرة الإبتكارية الواعية والخبرة في تباين تلك الألوان مع الحشوات بانسجام مع تجاويف ومناطق نحتية بارزة صنعها خصيصا للتعايش مع الكتلة للوصول للمعني البصري وراء هذا المجهود وتلك الإشكالية من التزاوج الصعب، بل انه استطاع باقتدار المزاوجة بين كتلة الاحجام ورهافة التفاصيل لتحقيق تناغم بصري بالرغم من ان الشكل الجمعي يعمل على تشتيت زوايا الظل داخل المنظور ، لكن الناقد الحقيقي لا يخفي انبهاره بتلك الصياغات في الفراغ التي تصنع مجسما جماليا لا تختل عناصر تكوينه .
تميزت أعمال الثقفي عن غيره من معاصريه بتلك الخطوط الرشيقة المتخمة بالابتكار والشاعرية ، ولعل النشئة في البيئة الجبلية كانت لها ذلك الأثر المباشر للخبرة الحياتية والدربة البصرية لما يحيط به من جبال ومرتفعات ، كما ان الدراسة أيضاً ميزه وقيمة مضافة عن أقرانه كونه أحد المهتمين والدارسين لمفهوم النحت حول العالم ، وأحد الباحثين في جماليات النحت العربي وقد وضع نصب عينيه القيمة الفلسفية للخط العربي خاصة الألف بذلك الاعتداد والشموخ . واطروحته العلمية لنيل درجة الماجستير من جامعة أم القرى في مكة المكرمة .
التقيت بالفنان الثقفي بملتقى الدوادمي لفن النحت على الحجر ولم افارقه إلا قليلا في ايام وجودي بالدوادمي وانا احاول بكل جهد جهيد استنتاج الشكل الذي سوف تنتهي إليه القطعة الساكنة بين يديه وتتلقى طعنات الإزميل وضربات المطرقة ، فمعظم الزملاء وضعوا علامات ويسيرون بشكل محدد خلف تلك التقسيمات إلا الثقفي فما أن تسقط قطعة من الحجر إلا احتفظ بها ووضعها جانباً في حوار خاص غير مسموع يناغي تلك القطع ويغوص بالفكرة ، فلما انتهت القطعة أيقنت تماماً أنني أمام فنان يضيف للحجر مساحات بحسابات دقيقة جدا وكأنه يعوض ما سقط منها بارتفاعات مضافة وجسم جديد من مبتكر إبداعه .
وبما أن بيننا تواصل على المستوى الإنساني والإبداعي كان لقب طائر النار هو مفتاح شخصية الفنان النحات الثقفي الذي جذبته قراءة الأساطير أن يعمل على منحوتة باسم طائر النار ( الفينيق ) كما أن اسطورة جلجاميش كانت أيضا دافعاً لعمل ( منحوتة جلجامش ) فنحن أمام فنان قارىء مثقف واع بما تحتويه الاسطورة وأن طائر النار لا يعود جميلا كما كان إلا إذا احترق ، لذلك هو لا يعمل على تفتيت الحجر فقط بل إعادة ترميمة وتجميله بقوة وحرارة تشبه اللهيب ليعود من جديد طائره الذي يحلم .
كثيرة هي أعمال وتجارب الفنان الثقفي الذي يتلمس جماليات ومفاتن داخل قطع الأحجار يلمحها بدربة عالية ، وتتحول بين يديه وأدواته لمنجزات نحتية تتسم بالجمال والنضج والبعد الفكري ، وقد أخذ على عاتقه أن يرتقي بأدواته وفن النحت وكانت له ومازالت العديد من المشاركات المحلية والإقليمية والدولية حقق من خلالها مراكز متقدمة لإسم المملكة والتشكيل السعودي ونال الشهادات والتقديرات والجوائز التي تناسب هذا الدأب والمثابرة والتجريب ، الثقفي بحق تجربة شابة تتجدد مع الأيام .
………………………………………………………………………….
ـ لقب طائر النار هو مفتاح شخصية الفنان النحات الثقفي
ـ فن النحت يتميز عن غيره من الفنون بأنه يقوم على الإزالة
……………………………………………………………..
الأربعاء، 5 سبتمبر 2018
ارتيمسيا جنتيلشي الفنانة التي اقتحمت قلعة الفن الذكوري
المقال نشر بالمجلة العربية
ارتيمسيا جنتيلشي
الفنانة التي اقتحمت قلعة الفن الذكوري
راضي جودة
عشرون عاما مضت على إطلاق شركة بيرميرا هيور الفيلم الدرامي / الرومانسي الفرنسي (Artemisia) في ١٠ سبتمبر للعام ١٩٩٧م للمخرج اجنيس ميريت ، والذي يدور حول قصة حياة الفنانة الإيطالية ارتيمسيا جنتيلشي والتي قامت بتمثيل دورها في الفيلم الممثلة فالنتينا سيرفي ومعها كل من ميشال سيرو ، مانوجليفشكي ، زيتجاروتيال ، ايمانويلي ديفوس ، فريديريك بيبرو ، بريجيت كاتيلون وآخرون، وعند مشاهدتي للفيلم وقفت على أمور كثيرة يهتم بها الفنان التشكيلي وأجاد الإشارة إليها صناع الفيلم من حيث تنفيذ اللوحات بتلك الدقة التي تخالها النقل الحرفي من الطبيعة ويعود ذلك لبعض التقنيات التي كانت تستخدم في ذلك الوقت للضوء والظل ، ومنها ايطار القياسات بالأسلاك والخيمة واحضار ممثلين يرتدون نفس الثياب ويقفوا امام الفنان ، المهم هو أنني تعرفت على حياة تلك الفنانة التي اقتحمت عالم الذكور ونالها ما نالها من إساءة لشرفها وسمعتها وعقابها بتحطيم عظام أصابعها .. انها ارتميسيا نبتة الشيح التي وضعت اسما كبيرا في عالم الإبداع التشكيلي .
…..
ولدت الفنانة ارتيمسيا جنتيلشي في ٨ يوليو عام ١٥٩٣م ، وارتيمسيا هي أبنة الفنان اورازيو جنتيلشي من زوجته
برادينتيا مونوتون ، كانت أبنتهم الوحيدة وقد اهتم والدها بتعليمها فنون الرسم وهي صغيرة وقام بتدريبها وتقديمها لكبار الفنانين المعروفين في روما حتى اصبحت الفنانة الأكثر أهمية لامتيازها في أداء عملها وحرصها على أصالة أعمالها، وارتيمسيا التي تعتبر أكثر الفنانين إنجازا بعد كارافاجيو ، توفت ولدتها وهي في سن الثانية عشر من عمرها.
كانت ارتيمسيا جنتيلشي أول امرأة تصبح عضوًا في أكاديمية دي آرتي دي ديسينو في فلورنسا ولها عملاء دوليون وكانت أول امرأة في تاريخ الفن تكلف بعمل في إنجلترا حيث رسمت بدعوة من الملك.
تخصصت في رسم صور النساء القويات والمعاناة من الأساطير ، والرموز ، وضحايا الإنجيل ، والانتحار ، والمحاربين ، كانت معروفة بكونها قادرة على أن تصور وترسم بشكل مقنع الشكل الأنثوي ، في أي مكان بين عراة وملابس كاملة. تشتهر أيضا بمهاراتها وموهبتها في التعامل مع اللون ، سواء بشكل عام داخل التكوين في الخلفيات والعمق أيضا .. توفت عام ١٦٥٣
معظم الكتابات التي تناولت تجربة ارتيمسيا بدأت بالقول عنها في دباجة للتعريف بها هي أنها كانت امرأة ترسم في القرن السابع عشر وأنها تعرضت للاغتصاب عندما كانت شابة من قبل أجوستينو تاسي وشاركت في مقاضاة مغتصبها ، وأن تلك الحادثة ، وتلك القضية قد طغت لفترة طويلة على إنجازاتها كفنانة، واصبحت لسنوات عديدة حالة للتأمل الفضولي للكيفية التي سمحت لسيدة بإختراق عالم الرجال والمنافسة على أعمالهم ، ولم تنزوي مثل العديد من النساء الأخريات في عصرها اللائي تم استبعادهن من التدريب المهني في استوديوهات الفنانين الناجحين ، غير أنها تعتبر اليوم واحدة من أكثر الرسامين تقدمية وتعبيرية من جيلها.
وبخلاف التدريب الفني الجيد التي حصلت عليه منذ الطفولة ، كان لديها القليل من التعليم ولم تدرس بشكل منتظم ، أي أنها لم تتعلم القراءة والكتابة حتى صارت راشدة ، ومع ذلك كانت نابغة جدا في التصور للحالة الفنية والتعبير بها، في الوقت الذي كانت في السابعة عشرة من عمرها ، أنتجت واحدة من الأعمال التي اشتهرت بها ، من خلال تفسيرها المذهل لسوزانا والشيوخ (١٦١٠م).
، وعدد لوحاتها التي نجت على الرغم من اهمالها كتجربة رائدة بقي أربعة وثلاثون فقط من مجموعة أكبر بكثير عن انتاج معاصريها من الذكور ، وكثير من لوحاتها لم يُنسب إليها إلا مؤخراً . نالت المديح والثناء على حد سواء من قبل الرأي النقدي المعاصر ، المعترف بها على أنها عبقرية ، ولكن ينظر إليها على أنها وحشية لأنها كانت امرأة تمارس موهبة خلاقة يعتقد أنها خلقت للذكور حصرا. منذ ذلك الحين ، على حد تعبير ماري د. جارارد ، "عانت من إهمال علمي يكاد لا يخطر على البال بالنسبة لفنان من عيارها".
وحينما رسم والدها أورازيو لوحات جدارية مع الفنان الفلورنسي أجوستينو تاسي ، طلب منه شرح وتعليم المنظور لابنته أثر استخدامه للخيام الدرامية (الضوء والظل) على الرسم الخاص به ، ولكن خلال هذه الدروس ، قام أجوستينو تاسي باغتصاب الأرتيميسيا البالغة من العمر ١٨ عامًا ، ووعد بالزواج منها قريباً ، وواصلت الاستجابة لطلباته الجنسية ، عندما اكتشف والدها تلك العلاقة عام ١٦١٢م، تم القبض على تاسي بتهمة الاغتصاب ، واندفعت الأرتيميسيا ووالدها إلى تقديم قضية اغتصاب شهيرة بدعوى الإصابة والضرر وبصورة ملحوظة ، حصلت على دعاية كبيرة ودمرت سمعتها. أدين بسببها أجوستينو تاسي ، ولكن أطلق سراحه من قبل القاضي ، الذي أمر أيضا أن يتم تعذيب أرتميسيا كوسيلة لإثبات صدقها، سجلات المحاكمة لا تزال متاحة اليوم.
بقيت نصوص محاكمة الاغتصاب التي استمرت سبعة أشهر. وفقا لأرتيميسيا ، حاول تاسي ، بمساعدة أصدقاءه من العائلة ، أن تكون وحيدة معه مرارا وتكرارا ، واغتصبها عندما نجح أخيرا بالانفراد بها في غرفة نومها.
حاول استرضاءها بعد ذلك بالوعد بالزواج منها ، واستطاع الوصول إلى غرفة نومها بعد أكثر من مرة بعد وعده لها بالزواج ، ولكنه لم يفي الوعد بالزواج الفعلي . وقد اتبعت المحاكمة بين الاتهام والدفاع نمطًا مألوفًا حتى اليوم : فقد اتُهمت بأنها لم تكن عذراء في وقت الاغتصاب ولأن لديها العديد من العشاق ، وتم فحصها من قبل القابلات لتحديد ما إذا كانت "قد فضت" مؤخرًا أو لفترة طويلة .
ربما أشد فظاظة بالنسبة لفنانة مثل ارتيميسيا جنتيلشي ، قول تاسي أن مهاراتها كانت ضعيفة للغاية لدرجة أنه كان عليه أن يعلمها قواعد المنظور ، وكان يفعل ذلك في اليوم الذي زعمت فيه أنه اغتصبها. كما نفى تاسي عن نفسه وجود علاقات جنسية معها، وأحضر العديد من الشهود ليشهدوا أنها كانت "عاهرة لا تشبع". كي تدحض شهاداتهم دعوى أورازيو (الذي جلب دعوى ضد الحنث باليمين) ، وأيدت اتهامات أرتميسيا ضد تاسي من قبل صديق سابق له الذي روى رغبة تاسي التي لا تشبع واحاديثه الجنسية عن أرتيميسيا. وكان تاسي قد سجن في وقت سابق بتهمة زنا المحارم مع شقيقة زوجته واتهم بترتيب قتل زوجته. وقد أدين في النهاية بتهمة اغتصاب جنتيلشي. عمل لمدة أقل من عام في السجن ، ثم تمت دعوته مرة أخرى إلى عائلة جنتيليتشي من قبل أورازيو.
لم ترى أرتميسيا أغوستينو مرة أخرى ، وبعد شهر من انتهاء المحاكمة، أخطرت بيترو ستياتيسي ابن أحد الجيران .انها غادرت روما من أجل شرفها الذي تلوث بالقضية ،أنجبت ابنة وعلمتها أن الرسم.
وتشهد لوحات أرتيميسيا جنتيلشي على عبقريتها وتفردها كرسامة .
تظهر أعمالها في متاحف مرموقة مثل متحف اللوفر في باريس ومتحف المتروبوليتان للفن في نيويورك.
ومن أعمالها الشهيرة داخل المتاحف :
العذراء والطفل - ١٦٠٩
مادونا والطفل - c.1609
امرأة العزف على العود - ١٦٠٩-١٢
سوزانا والشيوخ - ١٦١٠
Judith Beheading Holofernes (V.I) - 1612-13
جوديث و Maidservant - ١٦١٢-١٦١٣
Judith Slaying Holofernes (V.II) - c.١٦٢٠
رمزية الميل - ١٦١٥-١٦١٦
بورتريه ذاتي مع العود - c.١٦١٥-١٦١٧
The Penitent Magdalen - c.١٦١٧-١٦٢٠
لوكريشيا - c.١٦٢١
صورة لجونفالونيري / بييترو جنتيل - ١٦٢٢
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)