الأربعاء، 21 مارس 2018

قراءة جميلة حول الآثار المصرية القديمة

كتب الأستاذ الكاتب الصحفي والأديب أسامة عبد المقصود مقال أحسبه قراءة نقدية تشكيلية رائعة وغير مسبوقة للرسومات المصرية القديمة وتمثال أبو الهول
إليكم ما كتب منقولا عنه :
حارس بلا سوط
أسامة عبدالمقصود السبت، 17 فبراير 2018 (02:04 ص)
من يمتلك القدرة على تحليل الصورة يستطيع رسم الفكرة مستخرجاً من اللوحات مفاهيم تفيد البشرية، فمن أول وهلة وعند زيارة المتاحف والمعابد الفرعونية تجد جداريات غير مفهومة للعوام، لكن بتحليل الصور الموجودة وأشكالها المتباينة نستنبط أن الفنان القديم كانت تحركه فلسفة وإبداع تركهما لمن خلفه.
عندما تجد صوره تشير إلى شخص يقف في زهو وكبرياء وأمامه شخص آخر لا تستطيع تصنيفه أهو من البشر أم من الحيوانات، لأن الفنان الذي رسمه بجسد إنسان وجعل رأسه لحيوان لم يقصد من هذه الصورة إلا التعبير الضمني على ما يحفظه هذا المخلوق الهجين من أفكار تميل إلى نوع الحيوان الذي وضع رأسه على جسد إنسان، وهذه الصورة لا تعبر إلا عن إدراك الفنان وقتها أو من يكتب ويسطر للفنان ليرسم ويدون رؤى حديثة لاكتشاف بشر ينعمون بفكر الحيوانات ولا يرتقون بالفكر الإنساني، حتى نؤمن بأن هذه الصورة تشكل لدينا مفهوم القطيع وأصحاب التابعية بدون تفكير أو تحليل المعلومة فجعلهم يهيمون كالأنعام وهم على شكل البشر.
والشاهد على أن الفنان يرمي إلى أن الرأس مصدر المعرفة والتصنيف بين الإنسان والحيوان، أن ذات الفنان نحت «أبو الهول» بجسد أسد ورأس إنسان، وهذا النحت مغاير تماماً للصورة الأخرى لأن الأسد في الموروث الثقافي العالمي يمثل القوة والسيطرة والامتلاك الدائم، وأضافة رأس إنسان إلى هذا الجسد تمثل القاسم المشترك بين القوة المصحوبة بالفكر والوعي الذي يتسم بالعدل والذاكرة البشرية التى تدون التاريخ وتتعلم من الأخطاء وتتفادى المخاطر وترسم الخطة الأمانة للحياة.
لم يكن الفنان في السابق يضع «أبو الهول» في هذا المكان للزينة العشوائية كما نفعل في مداخل بيوتنا، وإنما وضع ليكمل الصورة وليكن حارساً على مقابر الملوك «الأهرامات»، تلك البقعة التى جسدت العلوم والفنون على مر التاريخ، فهو إنسان بقوة الأسد يحرس المكان عبر التفكير والوعي، ولم يضع بجواره سوطاً أو حربة وإنما اكتفى بنحت الجسد على هيئة حيوان مفترس والرأس البشرية تمنح الزوار الطمأنينة لأنهم يدركون أنه إنسان عاقل حليم على من يزور الأهرامات في سلمية، وإنما هو حيوان جسور مع من هم غير ذلك.

فالفرق بات واضحاً، إذ إن الفنان قصد بصورة الإنسان صاحب رأس الحيوان أن يحذرنا من وجود أشخاص يعيشون بيننا بهذه الصورة ولا نعرفهم إلا من خلال الحوار معهم ومناقشاتهم، وصدق من قال حدثني لأعرف من أنت، والشخص مخفي وراء لسانه إذا تحدث كشف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق