ليلة خواطر تسر الخاطر نسعد فيها بصحبة كتاب الاستاذ الأديب عبد الله بن عبد المحسن الماضي .
السيدات والسادة
إن القراءة البصرية للأعمال التشكيلية التي نصادف رؤيتها في المتاحف وصالات العرض ومراسم الفنانين تحتاج إلى دربة ومهارة تزيد مع الأيام بتواصل المشاهدة والقراءة الفنية مما يرفع معدل الثقافة البصرية التأملية بين اللون والشكل .
وبما انني انتمي لجماعة الفن التشكيلي وقفت متأملا للكم الهائل من الصور والأفكار التي تمر بخاطري وتترك أثرها في ذاكرتي عندما أنتهي من قراءة رواية من الروايات ، بداية من مملكة الأطلانتيد لانتوال فرانس إلى مدينة الموت الجميل لسعيد الكفراوي.. عشرات الروايات التي صنعت وجودها داخل عقلي وقد اصطدم مع البعض منها عندما تتحول لمشاهد مسرحية أو دراما وسينما ، ويبقى الأثر في صدري أكثر بهجة وخصوصية وقدرة لمغازلتها في اللوحة .
ولوحة اليوم هي القراءة البصر ية لكتاب (خواطر وأحاديث للأبناء) للأديب الاستاذ عبدالله بن عبد المحسن الماضي والذي جاء نتيجة مجموعة من التجارب والأحداث التي مر بها الكاتب ـ اطال الله عمره ـ والقارئ لن يحتاج لمهارة كبيرة كي يتعاطى مع النص الذي اعتني الكاتب باهمية الحرص على بيان ثنائيات الحياة في مجملها من نهار وليل وشمس وقمر وقديم وحديث … وهكذا .. تلك الثنائيات التي صاغها ورصعها بأبيات من الشعر تجعل القاريء يفهم مدى القلق الذي لمس روح الكاتب وهو يرى انزواء بعض المظاهر والأشكال المتجذرة في نفسه من اهتمام بالعلم وقوامة اللغة وحب العمل والحرص على الوقت ، أمور تعدت الهم الشخصي والأسري إلى هم المواطن الذي ترعبه فكرة فقد الهوية .
والفنان بدوره يلتقط تلك الومضات والإشارات من بين السطور وثنايا الأحرف .. يعلم أن الكاتب الذي ذكر تعدد السيارات الواقفة أمام المداخل وربما التي وجدت مكانا داخل المنزل ، والمنازل المتسعة والكبيرة بعد حمد الله ليست مقارنة لما سبق وهو يحلم في السابق مجرد حلم أن تكون لديه مطية .. نعم الرجل يقدر ماصارت إليه الأمور وحاجة البيوت لأكثر من وسيلة إنتقال ولكن الخوف من تفشي فحش الإستهلاك والإنكباب على أشياء يمكن الإستغناء عنها ولن تتوقف الحياة دونها .
نعم الفنان يلتقط تلك الرسائل ويحاول بنص موازي أو تشكيل بصري تسجيل تلك الحالة ، كما يحدث تماما من الفنان الذي يسجل واقعة من الوقائع الحربية أو تجربة معيشية ثم تأخذ اللوحة طريقها وتتنفس داخل حياة جديدة تحمل بين ثنايا الوانها واشكالها وبعض الذي حدث بدرجة تماثل الواقع .
لذلك عندما نحاول الولوج لتفاصيل اللوحة هنا نجد النخلة هي قلب اللوحة ولن أضيف جديد إذا قلت أنها ( أي النخلة ) رمز الوطن لأن اللوحة في مجملها أخذت اسلوب التعبيرية الرمزية في الجانب الأيمن منها الذي هو الأيسر للمشاهد ، محل جلوس الكاتب (رمزا) على منضدة الإبداع يدون خواطره وليس امامه قهوة ولا تمر ولا ماء فالكتابة في ظني حالة من الزهد تختفي معها حتى الحاجات الضرورية . من مأكل ومشرب واضعا يده اليمنى فوق قصاصة الورق كانه يربت عليها أكثر مما يتصور البعض أنه يقسم على محتواها ، ويعلو هذا الجانب المدينة الصاخبة بمبانيها وحركة الناس والسيارات دون الإغراق في تفاصيل لا تحتملها الرمزية .
وفي المقابل الكاتب وهو شابا ينظر للوح الكتابة يتمتم ببعض الحروف والكلمات والأبيات في ثياب بسيطة بساطة ذلك الزمان والشماغ بلا تشخيص وحتى ما تحتوية الأرض التي يجلس عليها من زاد وماء لم يكترث لها كثيرا والرسام هنا وضع اليد في استطاله لتتشبث بالأرض وبالمعرفة وحتى تلك الصحراء من خلف الشاب والجبال رصعت بحروف الكلام مبتهجة بالعلم والمعرفة التي هي مثل الشمس ساطعة بين المعرفة والبناء .
تلك هي قراءة الرسام بشكل ولون ويبقى لي أن أعتز بتلك الفرصة التي شرفت بها أن أكون ولوحتي بينكم وفي حضرة الأديب الوالد الذي أكن له كل التقدير والإحترام أبا عبد المحسن يستحق كل الحب والاعتزاز .. ولجسور الثقافية جميل الشكر لتنظيم تلك الفعالية والشكر للفنان صالح الخليفة والمهندس يعرب خياط وكل الزملاء والاعضاء وكريم الحضور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق